هل تدفع سياسات ترامب الاقتصاد الأميركي نحو الركود؟

هل تدفع سياسات ترامب الاقتصاد الأميركي نحو الركود؟ -- May 07 , 2025 7

يتخوف الخبراء الاقتصاديون من إن يؤدي استمرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تغيير سياساتها التجارية وفرض تعريفات جمركية جديدة، إلى دخول الاقتصاد الأميركي في مرحلة تباطؤ قد تفضي إلى ركود.

وتتزايد تلك المخاوف على حد سواء وسط الاقتصادييون وفي وول ستريت، حيث تتزايد المؤشرات على تراجع الثقة بالآفاق الاقتصادية.


انقسام في وول ستريت
وفي مذكرة بحثية صادرة يوم الثلاثاء، رفع بنك "غولدمان ساكس" تقديراته لاحتمال دخول الاقتصاد الأميركي في ركود خلال الاثني عشر شهراً المقبلة إلى 45%، مشيراً إلى أن التباطؤ قد يكون "مدفوعاً بأحداث طارئة"، في حين أشار كبير الاقتصاديين في البنك، يان هاتزيوس، إلى ثمة "خطر ملموس" من إعادة تفعيل الرسوم الجمركية التي عُلّقت مؤقتاً، في إشارة إلى التعريفات التي أعلن عنها ترامب في الثاني من أبريل/نيسان قبل أن يتم التراجع عنها جزئياً بعد أسبوع، عقب هبوط حاد في الأسواق المالية.


ورغم هذه النظرة الحذرة، تبدو بعض الأصوات في وول ستريت أكثر تفاؤلاً. فقد أكدت كبيرة مسؤولي الاستثمار في الأميركيتين لدى "يو بي إس"، سوليتا مارسيلي، أنها لا تزال تتوقع أن تتفادى الولايات المتحدة الدخول في "ركود كامل خلال العام الجاري"، مستندة إلى مؤشرات على تهدئة النزاعات التجارية والتوجه نحو خفض الرسوم الجمركية والاتفاق على صفقات تجارية.


يرى العديد من الخبراء أن خطر الركود لا يزال غير مؤكد. وفي هذا السياق، أوضح كبير الاقتصاديين لدى شركة "أبولو غلوبال مانجمنت، تورستن سلوك، الشهر الماضي أن الولايات المتحدة قد تواجه ما وصفه بـ"ركود إعادة ضبط التجارة الطوعي"، مقدّراً احتمالية حدوثه بنسبة 90%. وانتقد سلوك النهج التجاري الذي اتبعته إدارة ترامب، مشيرًا إلى أنه جاء في وقت كان فيه الاقتصاد الأميركي يشهد معدلات نمو قوية، وهو ما اعتبره بأنه "إدارة غير فعالة للزخم الاقتصادي الموروث".


في المقابل، عبّر الرئيس التنفيذي لبنك أوف أمريكا، برايان موينيهان، عن نظرة أكثر تفاؤلاً، مؤكدًا أن التوقعات الأساسية لبنكه لا تشير إلى ركود خلال هذا العام. أما "مورغان ستانلي"، فقد رجّح احتمالية حدوث ركود بنسبة 40%، في حين ذهب "جي بي مورغان تشيس" إلى نسبة أعلى بلغت 60%.


ومن جهته، حذر وزير الخزانة الأميركي الأسبق في عهد الرئيس بيل كلينتون، لورانس سامرز، من تجاهل الإشارات التحذيرية المتزايدة. ففي حديثه خلال بودكاست نشرته نيويورك تايمز في أبريل/نيسان، أشار إلى أن "ستة من كل عشرة أميركيين أو أكثر يتوقعون حدوث ركود هذا العام"، مضيفًا أن التراجع الحالي "أفضل من الانزلاق السريع نحو مسار كارثي"، لكنه حذر من الإفراط في التفاؤل، مؤكدًا أن "العودة إلى الوضع الطبيعي لم تتحقق بعد".


وتوقّع سامرز أن يؤدي هذا الانكماش الاقتصادي إلى فقدان نحو مليوني وظيفة إضافية في السوق الأميركية، أي بزيادة تتجاوز 28% عن عدد العاطلين المسجلين في مارس/آذار، والبالغ 7.1 مليون شخص، بالإضافة إلى انخفاض محتمل في متوسط دخل الأسرة السنوي بما لا يقل عن 5000 دولار.


هل تتوقع الإدارة الأميركية حدوث ركود؟
يواصل البيت الأبيض إرسال رسائل تطمينية بشأن متانة الاقتصاد الأميركي. فقد صرّح وزير الخزانة وكبير المستشارين الاقتصاديين في الإدارة، سكوت بيسنت، يوم الثلاثاء، أنه "لا يوجد في البيانات الاقتصادية الحالية ما يشير إلى أننا في حالة ركود".


في حين ذهب مدير المجلس الاقتصادي الوطني، كيفن هاسيت، إلى ما هو أبعد من ذلك، مؤكداً في مقابلة مع فوكس بيزنس الشهر الماضي أنه "لا يتوقع حدوث ركود على الإطلاق في عام 2025"، مستنداً إلى نقاشات أجراها مع عدد من الرؤساء التنفيذيين الذين أبدوا ثقة في أن حالة "عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية" لن تشكل عبئاً كبيراً على النشاط الاقتصادي.


من جانبه، أعرب ترامب عن ثقته في قوة الاقتصاد، مؤكداً الأسبوع الماضي أنه "غير قلق على الإطلاق" من الركود المحتمل. وسعى ترامب إلى النأي بسياساته الاقتصادية عن أي مؤشرات ضعف قد تظهر مستقبلاً، مشيراً إلى أن أي تباطؤ يُعد "امتداداً لإرث الاقتصاد في عهد الرئيس السابق جو بايدن".


الذهب والنفط
تعكس تحركات أسعار الذهب والنفط تصاعد المخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة ركود. ويشهد الذهب، الذي يُعد تقليديًا أحد أبرز الملاذات الآمنة في أوقات عدم اليقين، موجة صعود قوية هذا العام، حيث ارتفعت أسعاره بأكثر من 20% لتسجل مستوى قياسيًا بلغ 3400 دولار للأونصة، وسط إقبال متزايد من المستثمرين الباحثين عن التحوّط من تقلبات الأسواق والسياسات النقدية المتشددة.


في المقابل، تسجّل أسعار خام برنت، المعيار العالمي للنفط، تراجعًا ملحوظًا هذا الشهر لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2021، في ظل توقعات بضعف الطلب العالمي على الطاقة مع تزايد الإشارات إلى تباطؤ في النشاط الاقتصادي، لا سيما في الأسواق الكبرى.


تراجع ثقة المستهلكين يعكس استعداد الأميركيين لركود محتمل
وسط تصاعد المخاوف بشأن الآفاق الاقتصادية، تُظهر المؤشرات المرتبطة بثقة المستهلكين في الولايات المتحدة إشارات مثيرة للقلق، حيث يبدو أن الأميركيين باتوا يتحسّبون لاحتمال دخول البلاد في ركود.

وتراجع مؤشر ثقة المستهلكين الصادر عن "ذا كونفرنس بورد"، أحد أبرز المؤشرات التي تحظى بمتابعة دقيقة في الأوساط الاقتصادية، إلى أدنى مستوى له منذ عام 2020 خلال شهر أبريل/نيسان. كما أظهر مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلكين أكبر انخفاض له خلال ثلاثة أشهر منذ عام 1990، بين شهري يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان، في دلالة على تزايد القلق لدى الأميركيين بشأن مستقبل الاقتصاد.


ورغم هذه المؤشرات النفسية السلبية، فإن سلوك المستهلكين لا يزال مرنًا حتى الآن، إذ أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الأميركي الصادرة في 16 أبريل/نيسان نمو مبيعات التجزئة بنسبة 1.4% خلال مارس/آذار مقارنة بفبراير/شباط، وهي وتيرة تفوقت على التوقعات التي كانت تشير إلى زيادة شهرية بحدود 1.2%.

ترجمة: هدير عاطف

أقرأ أيضاَ

أميركا وبريطانيا ستعلنان إتفاقا تجاريا اليوم

أقرأ أيضاَ

"أكوا باور" السعودية تحقق 427 مليون ريال أرباح في الربع الأول من 2025