لبنان على القائمة المالية السوداء...مزيد من العزلة وانعدام الثقة الدولية به!

لبنان على القائمة المالية السوداء...مزيد من العزلة وانعدام الثقة الدولية به! -- Jun 12 , 2025 14

ليس خبرا عابرا أن تضع مفوضيّة الإتحاد الأوروبي، لبنان على قائمة الدول "عالية المخاطر" على صعيد غسل الأموال، المعروفة بالقائمة الماليّة السوداء.لأن ذلك يعني أن بلاد الأرز أمام عزلة مالية متفاقمة ومؤشرات إنهيار ثقة دولية بها، بدأت منذ إندلاع الازمة المالية في 2019، وإستمرت على مدى السنوات الست الماضية. فمنذ بداية الإنهيار يعتمد لبنان على الإقتصاد النقدي، وفي تشرين أول 2024، أدرجت مجموعة العمل المالي "فاتف"، وهي هيئة دولية لمكافحة غسل الأموال، لبنان على "القائمة الرمادية"، ومنحته مهلة حتى عام 2026 بدلاً من عام 2025 لمعالجة القضايا التي أدت إلى إدراجه في القائمة الرمادية، بما في ذلك المخاوف بشأن تمويل الإرهاب وعدم إستقلال القضاء.

الترجمة العملية لهذا القرار تعني أنّ لائحة الدول العالية المخاطر، حسب تصنيف الإتحاد الأوروبي، تخضع لرقابة إضافيّة بشأن التحويلات الواردة منها وإليها، كما تخضع التعاملات الماليّة مع مصارفها لترتيبات خاصّة. وعادةً ما يتم تصنيف الدول في هذه اللائحة بحسب درجة مخاطر تبييض الأموال، المرتبطة بالعمليّات في كل بلد.بحسب المفوضيّة، ستخضع هذه القائمة لمراجعة البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء، وستدخل حيز التنفيذ في غضون شهر واحد إذا لم تسجل اعتراضات.

الخوري: القرار لم يأتِ من فراغ بل نتيجة تراكمات إستمرت سنوات.

يشرح الخبير المالي والإقتصادي البروفسور بيار الخوري أن "ما قرّره الإتحاد الأوروبي بإدراج لبنان على قائمته المالية السوداء ليس مجرّد تصنيف تقني، بل هو إنذار واضح بأن النظام المالي اللبناني لم يعد محلّ ثقة"، مشددا على أن "القرار لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة تراكمات إستمرت سنوات، من التهرب من الإصلاح، إلى التلكؤ في تنفيذ قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وصولًا إلى غياب أي شفافية فعلية في آليات عمل الدولة والمصارف".

يضيف:"هذا التصنيف يعني أن لبنان بات يُعامل في أوروبا، كما تُعامل الدول التي تُشكّل بيئة خصبة لتبييض الأموال وتدفقات الأموال المشبوهة. في بلد يعتمد في جزء كبير من دخله القومي على تحويلات المغتربين، يصبح هذا القرار ضربة مزدوجة: أولًا لأن الحوالات ستخضع لإجراءات رقابة معقّدة وربما مكلِفة، وثانيًا لأن ثقة المستثمر الخارجي ستتراجع أكثر في بيئة مالية تزداد عزلتها".

ويرى الخوري أن "القطاع المصرفي اللبناني، الذي كان لسنوات يُقدّم نفسه بوصفه "الأكثر انضباطًا في المنطقة" ثم إنهار دفعة واحدة، يجد نفسه اليوم عاجزًا عن التفاعل مع المصارف الأوروبية بالطريقة المعتادة. التحويلات التجارية ستتأخر، والإعتمادات المستندية قد تصبح شبه مستحيلة، والمصارف اللبنانية ستُعامل بريبة تجعل من عملها الخارجي تحديًا حقيقيًا".

أما اقتصاديًا، فيعتبر الخوري "فإن القرار سيزيد الضغط على الليرة اللبنانية، التي تتأرجح أصلًا في سوق سوداء هشّة، وسيرفع من كلفة السلع المستوردة، بما يعنيه ذلك من موجات جديدة من التضخم. الإحتياطي النقدي لن يتأثر مباشرة، لكنه سيتقلص بحكم انحسار تدفق العملات الأجنبية عبر القنوات الرسمية، وتحوّل كل ما هو نقدي إلى السوق الرمادية"، لافتا إلى أن "اللبناني العادي، الذي لا تعنيه القوائم ولا المصطلحات القانونية، سيشعر بذلك في قوته اليومي، أسعار ترتفع أكثر، سلع تتأخر أو تختفي، ومزيد من القلق على أموال الأقارب في الخارج. سيناريوهات الفقر والبطالة مرشحة للتفاقم، في وقت لا يلوح فيه في الأفق أي إطار إنقاذي موثوق أو قابل للتطبيق".

ويرى أن "ردود الفعل المحلية، كالعادة، جاءت خجولة. الحكومة لم تُبدِ موقفًا واضحًا، ومصرف لبنان في موقع الدفاع أكثر منه في موقع الفعل. أما على المستوى الدولي، فربما يكون هذا القرار هو الأداة الأخيرة المتاحة أمام الاتحاد الأوروبي للضغط على الطبقة السياسية، بعد أن استُنفدت كل أشكال النُصح والدعم".

ويختم:"الخروج من هذا الوضع ليس مستحيلًا، لكنه يحتاج إلى مسار واضح لا يحتمل المراوغة: قوانين صارمة وشفافة، قضاء مستقل، وإلتزام سياسي جدّي لا مجرد بيانات إنشائية. وإلا، فإن لبنان ماضٍ في طريق التحول إلى اقتصاد يعمل خارج القانون، خارج المؤسسات، وخارج العالم".

 باسمة عطوي - ليبانون ديبايت

أقرأ أيضاَ

قروض دولية جاهزة للقطاع الخاص و "كفالات" تتحرّض للعب دور الوسيط

أقرأ أيضاَ

أحكام ضريبية للتجارة الإلكترونية في طور الإعداد في لبنان