قروض دولية جاهزة للقطاع الخاص و "كفالات" تتحرّض للعب دور الوسيط

قروض دولية جاهزة للقطاع الخاص و "كفالات" تتحرّض للعب دور الوسيط -- Jun 12 , 2025 11

يعتبر صندوق النقد الدولي أن التدقيق المالي في المؤسسات العامة، خطوة أساسية من أجل إصلاح المالية العامة للدولة، حيث سيظهر التدقيق مكامن الهدر وحجم الخسائر ومصدرها في كلّ مؤسسة، على أن تعالج لاحقاً بالطرق المناسبة ويحدد حجم التمويل أو الدعم المالي المفترض تقديمه.


من التوصيات والشروط التي يفرضها صندوق النقد الدولي ويعمل مع وزارة المالية على كيفية تنفيذها، هي إجراء تدقيق مالي في حسابات المؤسسات العامة التي تشمل الإدارات والمجالس والصناديق، بعدما بات معلوماً وواضحاً للعلن حجم الهدر والفساد والمحاصصة المتغلغلة في أروقة تلك المؤسسات التي تُشكّل جزءاً كبيراً من مزاريب الهدر في المالية العامة، خصوصاً في قطاع الكهرباء. هذا الشرط القديم الجديد سيسبق أي تمويل أو دعم مالي يريد لبنان الحصول عليه من المؤسسات الدولية لإعادة تفعيل أو هيكلة مؤسساته بدءاً من الكهرباء التي حصلت على قرض من البنك الدولي مؤخراً، والتي جاءت ضمن توصيات صندوق النقد الدولي الأوليّة المتعلّقة بالإصلاحات الداعمة للشفافية "وتعزيز إطار مكافحة الفساد وتحسين أداء المؤسسات المملوكة للدولة، ولا سيما في قطاع الطاقة، على أن يشمل هذا الإجراء عمليات تدقيق للشركة المعنية بتقديم إمدادات الكهرباء"، كما جاء في بيان صندوق النقد الدولي.

ورغم أن الحكومات المتعاقبة سبق وأعلنت عن نيّتها التدقيق في المؤسسات العامة وطرحت مشاريع قوانين لتطبيق الدمج والإلغاء والتطوير في بعض المؤسسات، آخرها مشروع أعدّته حكومة سلام في آذار الماضي، يهدف إلى إعادة هيكلة المؤسسات العامة والهيئات المستقلة التي يبلغ عددها حوالى 143 بين مؤسسة أو هيئة أو صندوق، إلا أنه لم يتحقق أي تقدم يذكر لغاية اليوم في هذا الإطار.

إلا أن المطلوب من أجل الحصول على الدعم المالي الدولي هو التدقيق المالي في حسابات المؤسسات العامة، المستقلة مالياً وإدارياً والتي تهدف إلى تقديم خدمات عامة أو إدارة مرافق عامة، تحت إشراف الحكومة من خلال مجالس الإدارة.


أبرز المؤسسات العامة القائمة في لبنان: المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات (إيدال)، المؤسسة العامة للكهرباء، المؤسسة العامة للمياه، المؤسسة العامة للاتصالات، المؤسسة العامة لتأمين السكن، المؤسسة العامة لضمان الودائع، مؤسسة "إليسار" (ترتيب منطقة الضاحية الجنوبية الغربية لمدينة بيروت)، المجلس الوطني للبحوث العلمية، المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، المشروع الأخضر، مجلس الإنماء والإعمار، مجلس الجنوب، المجلس الأعلى اللبناني السوري، مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك، مصلحة استثمار مرفأ طرابلس، المجلس الوطني للاعتماد، مؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية، الهيئة الوطنية لإدارة النطاقات الخاصة بلبنان، الصندوق الوطني للبيئة، المجلس الوطني للبيئة، مصلحة التبغ والتنباك....

بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من المؤسسسات التي طرح مجلس الوزارء إلغاءها مثل: الصندوق المركزي للمهجرين، المؤسسة العامة للأسواق الاستهلاكية، المؤسسة العامة للزيتون وزيت الزيتون، المؤسسة العامة للزراعات البديلة، المؤسسة العامة للمشاريع الاستثمارية في حرم مطار رفيق الحريري الدولي، هيئة إنشاء وإدارة مراكز التجمع الصناعي، المؤسسة الوطنية للاستخدام، المكتبة الوطنية، المكتب الوطني للدواء، المؤسسة الوطنية لضمان الاستثمارات، هيئة إدارة واستثمار منشآت وتحهيزات راديو أوريان.

من ناحية فرض التدقيق المطلوب من صندوق النقد الدولي، كان رئيس الوزراء نواف سلام قد أصدر تعميماً في شباط الماضي، إلى جميع المؤسسات التابعة للدولة اللبنانية بإخضاع حساباتها لنظام تدقيق داخلي ومستقل من قبل مكتب تدقيق ومحاسبة معتمد، "تعزيزاً للشفافية، وبُغية مكافحة الفساد ومُلاحقة مرتكبيه والحفاظ على حُسن سير العمل ومنع هدر المال العام".

فما هو المطلوب من التدقيق المالي في مؤسسات الدولة ومن هي الجهة التي ستقوم بتنفيذه؟

في هذا الاطار، أوضح الخبير السابق في صندوق النقد الدولي ورئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية منير راشد أن المؤسسات العامة والصناديق في لبنان أبرزها الكهرباء، أوجيرو، شركة طيران الشرق الأوسط رغم أنها تابعة لمصرف لبنان التابع بدوره للدولة، ومؤسسة المياه والكازينو وغيرها، لا تصدر ميزانيات عمومية balance sheets وبيانات دخل income statement وبالتالي لا يمكن تحديد نسبة الخسائر والأرباح السنوية في تلك المؤسسات. مشيراً على سبيل المثال إلى أن حجم التمويل السنوي المخصص لمؤسسة الكهرباء معروف إلا أن حجم الخسائر التي تتكبّدها المؤسسة غير معروف.


واكد راشد لـ"نداء الوطن" أن الحكومة الحالية طلبت أن يتم التعاقد مع شركات للتدقيق المالي في حسابات المؤسسات العامة، إلا أنها لم تحدد أو تعلن عن الفترة السابقة التي سيتم التدقيق فيها، رغم انه يجب أن تمتدّ على الاقلّ لمدة 5 سنوات إلى الوراء من أجل تقييم أوجه الهدر وتحديد حجم الخسائر إن وُجدت والأرباح في كلّ مؤسسة، مع الإشارة إلى أن بعض المؤسسات لم تقم بتدقيق مالي منذ 20 عاماً والبعض الآخر يقوم بالتدقيق المالي ولكن لا يعلن عنه!

ولفت راشد إلى أن مطلب صندوق النقد الدولي، إجراء تدقيق مالي في مؤسسات الدولة يهدف إلى تحديد المؤسسات التي تتعرّض للخسائر أو الأرباح، بالإضافة إلى حجم الدعم المالي الذي تحصل عليه من الدولة (كانت مؤسسة الكهرباء تحصل على 1,5 مليار دولار سنوياً) وعدد الموظفين فيها وحجم الرواتب والأجور لتقييم وضعها ومقارنته مع شركات مماثلة في دول أخرى بحجم اقتصاد لبنان، وذلك بهدف تحسين مالية الدولة وتحديد مكامن الهدر فيها، وبالتالي إعداد موازنة متوازنة فيها فائض أوّلي كما يطالب صندوق النقد الدولي، أي أن توازي الإيرادات النفقات مع فائض مالي يغطّي كلفة فوائد الدين العام. لافتاً في هذا السياق، إلى أن مالية الدولة حققت حالياً فائضاً مالياً، إلا أن هناك نفقات عديدة لا تقوم بتسديدها مثل متأخرات الضمان الاجتماعي، المورّدين، كلفة الدين العام...

وقال إن عملية التدقيق التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، ستحدد مكامن الهدر والخسارة في كلّ مؤسسة عامة، على أن يطّلع عليها الصندوق عند جهوزيتها ليصار بعدها إلى معالجتها من خلال سدّ مصادر الخسائر أي زيادة تعرفة الكهرباء على سبيل المثال في حال أظهر التدقيق أنها مصدر خسارة للمؤسسة أو خفض عدد الموظفين في مؤسسات أخرى في حال أظهر التدقيق أنه يشكل مصدر خسارة وغيرها من المعالجات وفقاً لوضعية كلّ مؤسسة.


وفيما شرح راشد أنه من المفترض أن يتم التعاقد مع شركات تدقيق مالي محلية أو أجنبية مثل PWC أو غيرهما للتدقيق في حسابات تلك المؤسسات عن السنوات الخمس الماضية على الأقلّ من أجل تقييم وضعها المالي بطريقة فعالة، اعتبر أن أبرز المؤسسات التي تحتاج إلى تدقيق هي الكهرباء، الاتصالات، المياه، طيران الشرق الأوسط، الكازينو، الضمان الاجتماعي...

رنى سعرتي - نداء الوطن

أقرأ أيضاَ

أحكام ضريبية للتجارة الإلكترونية في طور الإعداد في لبنان

أقرأ أيضاَ

لبنان على القائمة المالية السوداء...مزيد من العزلة وانعدام الثقة الدولية به!