أزمة تعويضات نهاية الخدمة.. هل تم ترحيلها إلى ما بعد الانتخابات؟

أزمة تعويضات نهاية الخدمة.. هل تم ترحيلها إلى ما بعد الانتخابات؟ -- Aug 18 , 2025 8

«إلى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة در».. هذا ما يبدو أن ملف تعويضات نهاية الخدمة لموظفي القطاعين الخاص والعام الخاضعين لقانون الضمان الاجتماعي، قد رسا عليه بعد مرور أكثر من خمس سنوات على هذه الأزمة، أي منذ انهيار قيمة الليرة اللبنانية في العام 2019.


والأكيد أنها أزمة معقدة وشائكة باعتراف الأطراف المعنية بها، أي الموظفون ويمثلهم الاتحاد العمالي العام، وأصحاب العمل وتمثلهم الهيئات الاقتصادية، والضمان الاجتماعي، والدولة ممثلة بوزيري المال والعمل. والسؤال: لماذا وقعت هذه الأزمة، ولماذا استفحلت واتسعت بمرور الوقت؟

لب الأزمة هو أن الشركات والمؤسسات كانت قد سددت وعلى مدى سنوات الأموال المطلوبة منها إلى الضمان الاجتماعي، وتحديدا إلى صندوق تعويض نهاية الخدمة، بحيث بلغت عند حصول الانهيار الاقتصادي في الربع الأخير من العام 2019 نحو 8 مليارات دولار، للموظفين المسجلين في الضمان وعددهم نحو 500 ألف شخص. غير أن الانهيار المالي أدى إلى تآكل هذه القيمة وتبددها كونها أودعت في مصرف لبنان وبالليرة اللبنانية.

وهذه الأزمة تعني بشكل خاص الموظفين الأكثر غبنا الذين سحبوا تعويضهم الزهيد بين عامي 2019 و2023 على أساس سعر صرف الليرة القديم مقابل الدولار وهو 1500 ليرة، وأيضا الموظفين الذين لم يسحبوا بعد تعويضهم. ويقول المدير العام لصندوق الضمان الاجتماعي د.محمد كركي إن «الكلفة الإجمالية لهذه التعويضات هي من 700 مليون إلى مليار دولار من ضمنها بين 700 و750 مليون دولار للأجراء الذين تركوا الخدمة وقبضوا تعويضهم»، معترفا أن «الرقم كبير جدا، ويجب تحديد مدى قدرة الهيئات الاقتصادية على تحمل المبلغ وكذلك قدرة الدولة».


عضو الهيئات الاقتصادية ورئيس تجمع الشركات اللبنانية دكتور باسم البواب قال في حديث إلى «الأنباء» إن «أكثر من اقتراح للحل قدم حتى اليوم، ومن بينها ما وافق عليه الاتحاد العمالي العام قبل أن يعود ويرفض بدافع الشعبوية»، قائلا إن «الدولة من جهتها تؤكد أنها مفلسة وأصحاب العمل يقولون إنهم سددوا اشتراكاتهم والآن يطلب منهم دفع المبالغ مرة ثانية للضمان لتغطية فروقات سعر الصرف بين الاشتراكات السابقة المدفوعة للضمان قبل عام 2019 على سعر الصرف القديم، وقيمة التعويض الفعلية على سعر الصرف الحالي». ولفت إلى أن «أموال الشركات عالقة في المصارف، وحتى لو سددوا ما يطالبهم به البعض، سينتهي بهم الأمر إلى الإفلاس أو الوقوع في العجز».

وإذ لفت البواب إلى «اقتراح سقط كان يقضي بإعطاء الموظف معاشا تقاعديا بدلا من التعويض»، توقف عند «اقتراح آخر قوامه تحميل صاحب العمل ثلث العبء بدلا من الربع، وثلث آخر على الدولة وثلث على الموظف، على أن يقسط الثلث الذي يتحمله أصحاب العمل وفق مدة زمنية تتراوح بين 5 و10 سنوات إذا كانت القيمة المطلوبة كبيرة».

وقال إن «وزير العمل هو عراب هذه الاقتراحات وهو يعقد اجتماعات دورية مع الهيئات الاقتصادية وممثلي الضمان الاجتماعي في محاولة لإيجاد تسويات للأزمة»، متخوف من «المراوحة وترحيل الأزمة إلى ما بعد الانتخابات النيابية العام المقبل لأن أيا من النواب الحاليين لن يجرؤ على الموافقة في البرلمان على قانون لا يأتي بالحقوق المادية للموظفين بنسبة مائة في المائة».


في الخلاصة، يبدو أن أزمة تعويضات نهاية الخدمة تدور في حلقة مفرغة، فمن جهة يحيل الضمان الاجتماعي أصحاب الحقوق على أرباب العمل الذين يطالبون بتسوية عادلة تنصف الموظف إلى حد معين من دون أن تكون على حسابهم، ومن جهة أخرى يحاذر النواب الذهاب إلى تشريعات تعرضهم للمساءلة من قبل ناخبيهم عشية انتخابات 2026، ويبقى الخاسر الأكبر هو الموظف الذي يخشى أن يقال له بعد تآكل تعويض نهاية خدمته: «الله يعوض وعفا الله عما مضى».

بولين فاضل - الانباء

 

أقرأ أيضاَ

لبنان يتلمّس خطواته الأولى نحو اقتصادٍ أخضر ودائري

أقرأ أيضاَ

"Shark Tank" بالنسخة اللبنانية قريبًا… استثمارات ضخمة لدعم المشاريع الناشئة