نكبــــات الدهـــــر .. الرباعيــــــة! -- Feb 17 , 2025 94

مر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على عجوز هرم من اهل الذمة وأهل الذمة هم الذين كانوا يدفعون الجزية بعد قبولهم
آنذاك بحكم المسلمين من دون التخلي عن دينهم وعدم رغبتهم بالدخول في الإسلام. وكان العجوز الهرم يتوكأ على عصاه وقد أعياه المشي فقال له عمر، الخليفة العادل، وأمير المؤمنين: ما انصفناك يا رجل.. اخذنا منك الجزية شابا، واهملناك عجوزا، ثم أمر له بمعاش تقاعد من بيت مال المسلمين. وقد اعتبرت مبادرة أمير المؤمنين عمر اول قانون للتقاعد في التاريخ البشرية.
وهكذا كان الإسلام ايام عمر دين العلم والتسامح، دين الإنصاف والعدل، دين الإمام علي بن أبي طالب الذي قال: «أشر الناس عند الله، امام جائر ضل وضل به».
هكذا كان العرب والمسلمين في مرحلة فجر الإسلام، فأين هم اليوم في القرن الواحد والعشرين؟ العرب الذين اغنوا الحضارة البشرية بالعلوم والأداب، وحفظوا تراث الحضارات الأخرى كالفارسية واليونانية عبر ترجمتها وتقديمها لتكون ذخرا للإنسانية، على طريق التقدم والتطور، حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من اداب وفنون وعلوم وتكنولوجيا هذا العصر.
يقول المؤرخ والأديب المهجري أسعد زيدان، في كتابه، الناس والتاريخ: لقد تحكمت بنا نكبات الدهر الرباعية، وهي المال، والدين، والعسكر، وسلطة الجهل.. هذه المصائب الأربع القوية اتحدت مصالحها وأهدافها ومخططاتها كي تركب على كواهل الشعب العربي وتضع أغلالها في أعناقه، وتخنق صوته، وتعوم جاهليته وتغسل الأدمغة بالجملة».
ومن لا يسير في طريق الجهل والتعصب فهو «زنديق» وكافر يستحق قطع رأسه عن جسده. ولذلك أصبحنا في مؤخرة الشعوب من حيث العلم والثقافة والتطور، واكثر شعوب الأرض تخلفا مع انتشار الجهل والأمية، في حين يتسابق الأقوياء في هذا العالم الى نهب ثرواتنا، ويشنون علينا الغزوات الواحدة تلو الأخرى، لتدمير عواصمنا ومنشآتنا، لكي نعود عشرات السنين الى الوراء، فيما الأمم الأخرة تتقدم بسرعة مذهلة الى الأمام.
لكن التاريخ يشهد بأن الشعوب والأمم تمر في مراحل صعود وهبوط، ولذلك لا مجال لليأس والقبول بالواقع الذي وصلنا اليه، فالأجيال القادمة هي التي تتحمل مسؤولية النهوض مجدداً، بالعلم والعمل، والاستفادة من أدوات العصر لاستئناف مسيرة التقدم والنهوض.. وهذه هي سنة الحياة!

سامر صالحة - من الارشيف