اقتصاد مموّل خليجياً مقابل أمن "إسرائيلي"؟ -- Aug 27 , 2025 23
أظهرت عودة السفير الاميركي لدى تركيا والموفد الخاص إلى سورية والمكلّف بالملف اللبناني توم برّاك برفقة الموفدة الاميركية مورغان أورتاغوس على عجلة إلى لبنان بعد زيارة سورية و"إسرائيل" التي تلت زيارتهما الأخيرة إلى بيروت (في 18 آب الجاري)، تزامناً مع زيارة وفد من الكونغرس الأميركي، أنّ واشنطن مصرّة على إنهاء النزاع في منطقة الشرق الأوسط بشروطها. كما أنّها تسعى إلى إيجاد الحلول بين لبنان وسورية وقبرص و"إسرائيل"، دفعة واحدة، عن طريق حلّ شامل أو خطة متكاملة تُعيد السلام والأمن إلى المنطقة. فكيف ستسير الأمور وفق الرؤية الأميركية في لبنان ودول المنطقة؟
وفي ظلّ انتظار الموفدين الأميركيين وواشنطن، إقرار مجلس الوزراء اللبناني للخطة العسكرية التي سيعرضها الجيش اللبناني عليه في 2 أيلول المقبل، وبعد نقلهما الردّ "الإسرائيلي"، التاريخي، على ما وصفاه، إلى المسؤولين اللبنانيين وعن استعداد "إسرائيل" للإنسحاب من التلال الخمس وفق سياسة "خطوة - خطوة"، مقابل تسليم سلاح الحزب، يأتي الحَراك الاميركي في اتجاه لبنان، على ما تؤكّد مصادر سياسية مطّلعة، ليس فقط للإطلاع على بنود هذه الخطة قبل إقرارها، إنّما لاقتراح إدخال بعض التعديلات عليها، بما يتوافق مع رؤية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحلّ الشامل في لبنان والمنطقة.
وهنا تبرز نقاط مبدئية تُركّز عليها واشنطن، لتنفيذ ورقتها التي يُناقشها برّاك في لبنان وسبق وأن ناقشها خلال الأيام الأخيرة مع دول الجوار، والتي تحوّلت إلى ورقة مشتركة أميركية- لبنانية، على ما تقول المصادر، أهمّها:
1"- حصر السلاح بيد الدولة ليس عن طريق استخدام القوة، أو العودة إلى الحرب الأهلية التي لا أحد يريدها، على ما قال برّاك، إنّما من خلال إقناع الحزب بالتخلّي عن سلاحه، مشيراً إلى أنّ المقترح اللبناني لسحب سلاح حزب الله لن يكون بالضرورة عسكرياً (بإيحاء أميركي). وتقترح واشنطن التعويض بالتمويل لمن يترك سلاحه من حزب الله، أي "إغراء" الحزب والبلديات في الجنوب، من وجهة النظر الأميركية، بالتقديمات المالية، التي ستأتي من الدول الخليجية.
وهنا، تبرز أيضاً فكرة إنشاء مدينة إقتصادية صناعية في المنطقة الحدودية جنوب لبنان بتمويل خليجي، وإقامة مشاريع إستثمارية تؤمّن فرص عمل للأهالي، فيما اعتبرها اهالي الجنوب خطة خبيثة لاقتلاعهم من أرضهم وتطبيق إقتصادي بين لبنان وإسرائيل.
2"- إلى جانب الهدف الأول، ثمّة هدف ثانٍ أساسي، وهو ما تسمّيه واشنطن، "فكّ الإرتباط، أو التطبيع، أو عقد اتفاقية سلام مع "إسرائيل" خلال المرحلة المقبلة. وبهدف هذا الأمر المهم بالنسبة لخطاها إلى الذهاب إلى الازدهار والنهوض الاقتصادي في المنطقة. وهذا يعني بأنّها تقوم اليوم بالتحضير للمرحلة الأولى من تطبيع العلاقات بين لبنان وسورية مع "إسرائيل"، من خلال التوصّل إلى ترتيبات جديدة مع البلدين، وحثّهما على إجراء مفاوضات مباشرة معها. وتبدو سورية أقرب إلى البدء بهذا المسار، في حين أنّ لبنان لا زال يرفضه.
3"- إنجاز ملف ترسيم الحدود البريّة والبحريّة العالقة بين لبنان وسورية (وتصحيح العلاقات بينهما على ما ورد في الورقة الأميركية) وقبرص و"إسرائيل"، من أجل إزالة كلّ ما يُهدّد أمن "إسرائيل"، وعدم الإبقاء على أي "خصم"، على حدودها، ما يؤدّي إلى السلام في المنطقة خلال المرحلة المقبلة. وينبثق عن الرؤية الاميركية، على ما تشرح المصادر، تفاصيل عديدة لتطبيق هذه البنود الأساسية المتمثّلة أولا"، بأن تصبح الدولة اللبنانية بجيشها وحده الضامنة للأمن والاستقرار. ولهذا لن تُجدّد الولايات المتحدة لقوّات "اليونيفيل" سوى لسنة إضافية واحدة. على أن تبدأ بتقليص ميزانيتها التي قال عنها برّاك الثلاثاء أنّها تبلغ مليار دولار سنوياً من دون أي إفادة، وبالتالي تخفيض عديدها من أجل إنهاء مهامها في آب من العام المقبل.
وثانياً، بتنشيط الإقتصاد جنوباً بتمويل خليجي، أي من دون أن تتكبّد واشنطن أي مصاريف إضافية.
وثالثا"، من خلال تصحيح العلاقات اللبنانية- السورية وفتح صفحة جديدة بين البلدين، على ما قال أخيراً الرئيس السوري أحمد الشرع، وعلى ما نقل عنه برّاك بأنّه مع علاقات تعاون قويّة مع لبنان، وأنّه يريد التوصّل إلى اتفاق ترسيم حدود معه. إلى جانب إيجاد الحلول لكلّ المشاكل العالقة بين البلدين من قضية الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية إلى مسألة إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، والودائع السورية في المصارف اللبنانية، والتعاون المشترك بين البلدين في إعادة إعمار البلدين وما إلى ذلك...
والخطة المنتظرة من قبل الحكومة الثلاثاء المقبل، قد لا تبدأ الدولة اللبنانية بتطبيقها فوراً، على ما تلفت المصادر، خصوصاً وأنّ الردّ "الإسرائيلي" على الورقة اللبنانية - الأميركية، ليس سوى كلام في الهواء، في ظلّ عدم التزام "إسرائيل" باتفاق وقف الأعمال العدائية واستمرارها في الاعتداءات والاغتيالات التي وصلت إلى 4 آلاف خرق. في حين أن لبنان وضع هذه البنود من ضمن الأولويات، وسيدرس بالطبع المقترحات الأميركية واتخاذ الخطوات المناسبة.
الديار - دوللي بشعلاني