"التين الحاصباني" يغزو المناطق والمزارعون يحملون إنتاجهم إلى الشوف للتصريف -- Sep 16 , 2025 9
«التين الحاصباني» ليس مجرد فاكهة تقليدية تنتشر على بساط الصيف الواسع على مستوى المناطق اللبنانية، بل تتخذ صفة مميزة تؤهلها لتكون في مقدمة تلك الأصناف وأكثرها حضورا في الأسواق، لناحيتي الجودة والنوعية.
اينما تجول اللبناني هذه الفترة تلفته «بسطات» التين المفلوشة على الطرقات العامة والشوارع الرئيسية وخصوصا في مناطق الجنوب والجبل والبقاع القريبة من قضاء حاصبيا (الجنوب). تين حاصبيا مرغوب جدا من أبناء تلك المناطق، ويحل الموسم عادة وسط ورشة التحضيرات للمؤنة البلدية على أنواعها.
صناعات فاكهة التين عديدة، منها المغلي والمجفف واليابس والمطبق وسوى ذلك، حيث يعد من أركان الموائد خلال فصل الشتاء. وقد استعادت تلك التقاليد بريقها بعد تراجعها لمرحلة سبقت الفترة الماضية المنصرمة، تزامنا مع عودة الناس نسبيا إلى الأرض والطبيعة وكسب الغذاء الصحي، في ظل مخاوف المواطنين مما يجتاح الاسواق من مأكولات تدخل اليها المواد الحافظة وغير الصحية.
هوية المزارعين في حاصبيا اصبحت جزءا من هويات البيئيات في المناطق الأخرى، انطلاقا من العادات التي درجوا عليها مع حلول المواسم الصيفية، من أجل تصريف انتاجهم، ويتخذ منها أصحابها نافذة للعمل ومصدرا أساسيا للرزق، طالما الانتاج الحاصباني مرغوب، بدليل الطلب الكبير على رغم كل الظروف الضاغطة، وثمة عائلات تحجز كمياتها من سنة لأخرى.
يعزو ابن حاصبيا المزارع سامي قيس نقل انتاج بستانه بحدود الطن اجماليا من التين إلى منطقة الشوف وتحديدا على الطريق الرئيسي بين بيت الدين وبعقلين، فيفرش بسطة كبيرة له اعتاد عليها سنويا «هربا من جشع التجار، الذين يأخذون ربحا كبيرا يضاعف بكثير ربح المزارعين ويأكلون تعبنا. اذ انهم يشترون الإنتاج بأرخص الأسعار، ويبيعونه بشكل مضاعف، دون أي تعب أو كلل».
التين الأبيض هو الأكثر رغبة للتجفيف، بينما «العسلاني» مخصص لصناعة مغلي التين. يشير قيس إلى ان «الحركة مقبولة.. كنا نفترش البسطات مع عدد قليل من المزارعين. بينما اليوم باتت الأعداد كبيرة وكل مين يأكل رزقته. نعم كسب الحلال يلزمنا تقديم المزيد من التعب».
وعزا قيس ارتفاع الاسعار إلى 12 دولارا للكيلو الأبيض المجفف «إلى التكلفة في القطاف والانتقال والعمل، بينما التين الأخضر يباع بنحو 5 دولارات. وثمة أنواع أكثر من ذلك وأقل بحسب الجودة، ومنها التين الاسود والخمري».
بدوره، أكد المزارع سعيد الحمرا «ان سوق حاصبيا لا يستوعب انتاج التين من البلدة وقرى القضاء. وهذه العام كان الإنتاج مقبولا. طبعا حصل تأثير جزئي من التغيير المناخي وأتى الموسم باكرا قياسا بالسنوات الماضية. ونحن نأتي ببضائعنا الزراعية المتنوعة لبيعها في المناطق، ووجهتنا الطبيعية هي الشوف منذ أعوام، وقد توطدت العلاقات ايضا مع بعض التجار الذين يراعون مبدأ الربح المقبول».
وأضاف «نأتي كذلك في موسم الصبار، وحتى مواسم الزيتون وزراعات تشتهر بها حاصبيا ومنطقتها. وعلى رغم تأثير التغير المناخي على العديد من المواسم ولاسيما الزيتون الذي بلغ عطشه ما يهدد جزءا من كمية الانتاج، الا اننا نعمل بمقتضى إمكانياتنا المتوافرة. الزراعة مصدر رزقنا الوحيد، وعدا ذلك نتعاطى مع الواقع بما تفرضه الطبيعة. وهذا الواقع بات يتطلب خططا زراعية لصمود المزارعين والمواسم معا».
عامر زين الدين - الانباء