الخضر والفاكهة تُهرّب عبر الحدود بكميات قليلة

الخضر والفاكهة تُهرّب عبر الحدود بكميات قليلة -- Sep 30 , 2025 30

صحيح أنّنا اعتدنا فكرة "التهريب" بغض النظر عما إذا كانت تهريب بضائع، مأكولات مصنّعة، محروقات... وغيرها، لكنّ أزمة تهريب المنتوجات الزراعية تُعدّ من الأصعب. لماذا؟ لأنّ المزارع اللبناني غالبًا ما يكون ضحيّة هذه المعضلة، لا سيّما أنّ البلد يعتمد على الزراعة الداخلية ليعيش الاكتفاء الذاتي ويصدّر ربّما القليل منها على اعتبارها بأفضل جودة وبأسعارها المناسبة.

 

ورغم أنّ المزارع اللبناني يعيش تحدّيين، التحدي الأول الحرب التي أثرت بطريقة مباشرة وغير مباشرة في الزراعة، والتضارب في أسعارها مع البضاعة التي تُدخَل خُلسةً إلى المنطقة، مثل البطاطا المصرية. إلّا أنه لا يزال بشتى الطرق يحاول إنقاذ موسمه.

تهريب البطاطا في لبنان، ليس ظاهرة جديدة بل تعود إلى سنواتٍ ماضيةٍ. ولربّما هذه المشكلة تتفاقم في فتراتٍ معينةٍ تبعًا للعوامل الاقتصادية، السياسية والاجتماعية.

فما إن يُقفل موسم البطاطا في عكار والبقاع، حتى تبدأ رحلة المعاناة المتكررة. وعلى خطين متوازيين، يتحرّك الناشطون: خط استيراد البطاطا من مصر، وخط تهريبها عبر معابر غير شرعية.

أما المزارع العكاري، كما العادة، فهو الخاسر الأول. ففي وقتٍ ينتج فيه سهل عكار ووادي خالد حوالى 100 ألف طن من البطاطا سنويًا، تذهب جهود المزارعين أدراج الرياح بسبب غياب الأسواق، وغياب أي خطة حكومية فعلية لتسويق المحصول.

وللأسف، التهريب اليوم ليس فقط بطاطا، بل كل أنواع الخضر من بندورة وخيار وليمون وغيرها، تدخل عبر الشاحنات الصغيرة وتُباع في الأسواق الشمالية، فتشكّل ضربة قاضية للإنتاج المحلي. فتشتري المصانع المحلية البطاطا المستوردة بـ 450 دولارًا للطن، بينما تحدد سعر الطن من البطاطا العكارية بـ 350 دولارًا فقط! ورغم جودة البطاطا المزروعة في عكار، ما زال المزارع يُعامل كمصدر إزعاج بدل أن يُنظر إليه كركيزة اقتصادية.

وصرخات المزارعين لم تهدأ يومًا، ومطالبهم بقيت كما هي: وقف التهريب، حماية السوق، مساواة الإنتاج المحلي بالمستورد من حيث السعر، ودعم حقيقي من الدولة.

المزارع البقاعي في صراعٍ دائمٍ


وبحسب مصادر مطلعة للدّيار، وبحسب مزارعين بقاعيين، يتعرض المزارع لخسائر مباشرة، وقد يعزف عن الزراعة مستقبلًا، مما يهدد الأمن الغذائي الوطني. ولبنان، في ظل أزماته الاقتصادية، لا يستطيع تحمّل خسائر جمركية إضافية بسبب التهريب.

أما مزارعو منطقة عكار فقد أعلنوا إيقاف حصاد البطاطا بسبب ضعف الأرباح. وأكدّوا أنّ "الاستيراد والبطاطا المهربة يسببان لهم خسائر فادحة، ويمنعان تصريف الإنتاج المحلي. وبسبب دخول البطاطا السورية، انخفض سعر الكيلو في الأسواق اللبنانية إلى نحو 20,000 ليرة لبنانية. لذلك اضطر المزارع اللبناني إلى خفض سعره ليصل إلى 23,500 ليرة تقريبًا ليتمكن من المنافسة".

وفي عكار، تمّت مصادرة 8 أطنان من البطاطا المهربة مؤخرًا، من قبل جهاز أمن الدولة.

في سوق قبّ إلياس في البقاع، قامت دوريات أمن الدولة بمصادرة أطنان إضافية من البطاطا المهربة. يُقدّر أن أكثر من 300 طن يوميًا من البطاطا السورية تدخل إلى لبنان عبر طرق غير شرعية.

رئيس تجمّع الفلاحين ابراهيم الترشيشي، يؤكد لـ"الدّيار"، أنّ "البطاطا السورية أغلى من البطاطا اللبنانية، والتهريب اليوم أغلى من أي مرّ وقت، نظرًا للتّشدّد بين البلدين. ولذلك، كل شاحنة تُساع 10 طن ستكّلف بحدود الـ1200 دولار وهذا أمر صعب اليوم".

وأضاف: "التشدد أيضًا سيّد الموقف في طرابلس، لذلك التهريب سيّما تهريب البطاطا أمر مستبعد. لكنّ الأصناف الأخرى تُهرّب ولكن بكمياتٍ قليلةٍ نتيجة التكاليف الأخرى (لكل طن مُضاف، 200 دولار ستُدفع). والمهرِب اليوم لم يعد وحشًا في التجارة".

وختم: "التهريب اليوم بأقلّ أيامه لأنّ التكاليف ازدادت على السارق، والتشدد الأمني سيّد الموقف".

مارينا عندس - الديار

أقرأ أيضاَ

قرار من المجلس الدستوري.. إليكم مضمونه

أقرأ أيضاَ

"مافيا المولدات" بمواجهة الدولة.. هل بدأ زمن تفكيك الإمبراطورية الكهربائية؟