نمو سريع لأنماط التمويل خارج الإطار المصرفي

نمو سريع لأنماط التمويل خارج الإطار المصرفي -- Oct 06 , 2025 9

أدّت الأزمة المالية العالمية عام 2008 إلى إرهاق النظام المالي. فقد قلصت البنوك التمويل، واعتمدت الأسر على توفير مصاريفها، وشرعت الشركات في تخفيض عدد العاملين. كان ذلك وقتًا مخيفًا للجميع، وصعبًا للغاية على قطاع الخدمات المالية.


يختلف المشهد المالي تمامًا اليوم. توفر أطراف مختلفة من المستثمرين والشركات التمويل والسيولة للشركات والمستهلكين والحكومات. أصبح أكثر من مليار شخص قادرين على الحصول على التمويل، وذلك بفضل مزودي التمويل المعتمدين على التكنولوجيا.

لكن هذه التطورات لم تكن مدفوعة من قبل البنوك. بل إن المؤسسات المالية غير المصرفية هي التي برزت، وزادت حصتها في التمويل العالمي من 43 % خلال أزمة 2008 إلى حوالى 50 % في حلول عام 2023، وفقًا لأحدث بياناتنا.

وهذا تحول جذري، إذ إن نصف الخدمات المالية العالمية تقدمها الآن شركات غير مصنّفة كبنوك ولا تخضع لنفس اللوائح.

تشمل المؤسسات المالية غير المصرفية أنواعًا مختلفة من الشركات، وتختلف تعريفاتها الدقيقة. بشكل عام، يشمل هذا القطاع الشركات المالية التي تقدم خدمات التمويل والتداول والاستثمار، ولكنها لا تستقبل ودائع من الجمهور أو لديها حسابات في البنوك المركزية.

اتجاهات رئيسية

نظرًا لحجم وأهمية المؤسسات المالية غير المصرفية، من المفيد دراسة الاتجاهات الرئيسية التي تدفع نموها.

تتوفر لدى الحكومات مصادر تمويل جديدة، مما يعزّز السيولة ويخفّض أسعار الفائدة: يوفر المشترون الجدد من المؤسسات غير المصرفية للولايات المتحدة سيولة إضافية. وهذا يساعد الأسواق على العمل بكفاءة، مما يساهم في خفض تكلفة الدين الوطني الذي يدفع ثمنه في النهاية دافعو الضرائب.


أصبح لدى الشركات المتوسطة فرصة أفضل للتمويل، مما يدعم النشاط الاقتصادي والتوظيف والاستقرار المالي. يمكن لصناديق الائتمان الخاصة تمويل الشركات التي قد تكون كبيرة أو ذات مخاطر عالية بالنسبة للبنوك، ولكنها صغيرة جدًا لصدور سندات خاصة بها.

خيارات تمويل أوسع

أصبح الائتمان متاحًا بمبالغ وآجال سداد متنوعة، بدءًا من قروض السيارات طويلة الأجل وصولًا إلى قروض "اشتر الآن، ادفع لاحقًا" وقروض التمويل الإلكتروني الصغيرة في بلدان مثل كينيا. ساهمت شركات التمويل الرقمي في هذا الاتجاه من خلال ابتكار مصادر بيانات جديدة لتقييم المخاطر، وخفض تكلفة الخدمات، بما مكّن الشركات من تقديم قروض أصغر لعدد أكبر من العملاء.

أصبح لدى المستثمرين من مختلف الأحجام خيارات أكثر لتنويع محافظهم الاستثمارية. فقد ساهمت صناديق الاستثمار، وخاصة صناديق الاستثمار السلبية، في توسيع نطاق وصول المستثمرين إلى أسواق رأس المال. ومع تراجع عوائد الأصول الأكثر أمانًا، ارتفعت حصة صناديق المؤشرات في إجمالي الأصول المُدارة بشكل كبير، من 19 % في عام 2010 في الولايات المتحدة إلى 48 % في حلول عام 2023. كما سهّلت المؤسسات غير المصرفية على المزيد من المستثمرين الوصول إلى فئات أصول جديدة، مثل العقارات التجارية والمعادن الثمينة. ويساعد تنويع الأصول في إدارة المخاطر.

إلى جانب فوائد تنويع الاستثمار، تتميز بعض أنواع الصناديق باستقرارها في الأسواق. فمثلًا، تشتري هذه الصناديق بانتظام أسهمًا أكثر عندما تنخفض قيمتها، وتبيعها عندما ترتفع، وذلك للحفاظ على توازن محفظة الأسهم التي تقدمها للمستثمرين.

سيناريو "الهروب"


على غرار البنوك، تستثمر صناديق الاستثمار المفتوحة وصناديق سوق النقد على المدى الطويل، لكنها تضمن للعملاء سحب أموالهم في أي وقت. لذلك، خلال فترة "الهروب من الأصول الخطرة" في بداية جائحة كوفيد-19 عام 2020، واجهت بعض هذه الصناديق نقصًا في السيولة (أزمة سيولة) واضطرت إلى طلب المساعدة من البنوك المركزية، بما في ذلك بنك الاحتياطي الفيدرالي.

سيناريو سداد القروض

تساهم الاستدانة لشراء الأصول المالية في زيادة الأرباح، ولكنها تزيد من المخاطر. تستدين بعض صناديق التحوّط والمكاتب المالية (شركات إدارة الثروات التي تركز على عائلات ثرية) مبالغ كبيرة مقابل ضمانات قليلة للاستثمار في تقلبات أسعار الأسهم والسندات. في أوقات الأزمات، قد تطلب المؤسسات المصرفية من هذه المؤسسات غير المصرفية ضمانات إضافية، مما يزيد من المخاطر.

إذا فشلت هذه الاستثمارات، قد تتعرض هذه المؤسسات غير المصرفية للإفلاس، مما يتسبب في خسائر لدى دائنيهم ويؤثر على استقرار النظام المالي.

حماية الجمهور

تستدين المؤسسات غير المصرفية بكثرة من البنوك، لكن متطلبات الإفصاح لديها محدودة. لا يملك المشاركون في السوق أو الجهات التنظيمية رؤية شاملة لمخاطر الاستقرار المالي. يحق للممولين معرفة المزيد عن مخاطر هذه المؤسسات، خاصة في أوقات الأزمات. إذا لم يكن متاحاً نشر معلومات المعاملات لأسباب تنافسية، يجب على الجهات التنظيمية الاطلاع عليها وتبادلها دوليًا.

خلاصة

تتميز المؤسسات غير المصرفية بتنوّع كبير. لذلك، نحتاج إلى فهم أفضل لنشاطها وضمان تنظيم أنشطتها الأكثر خطورة بشكل مناسب للحدّ من المخاطر المحتملة على النظام المالي والنشاط الاقتصادي، مع الحفاظ على بيئة ديناميكية وداعمة للابتكار في مجال الخدمات المالية.


نداء الوطن

أقرأ أيضاَ

خوري: شرطان أساسيّان لعودة القروض المصرفيّة

أقرأ أيضاَ

"وسيط دولي" بين الدولة ومصرفها المركزي