تصحيح طبيعي والأساسيات صلبة.. ما دور الأرجنتين في هبوط الذهب؟

تصحيح طبيعي والأساسيات صلبة.. ما دور الأرجنتين في هبوط الذهب؟ -- Oct 22 , 2025 23

تسببت عمليات جني أرباح في هبوط أسعار الذهب أمس الثلاثاء بأكبر انخفاض منذ أغسطس 2020، متراجعة من مستوياتها التاريخية عند 4381.2 دولار للأونصة بعد ارتفاع بنحو 56% هذا العام، مدعومة بحالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي ورهانات خفض أسعار الفائدة وشراء البنوك المركزية المستمر للمعدن الأصفر.

واعتبر محللون تراجعات المعدن الأصفر بمثابة عمليات تصحيح طبيعية بعد ارتفاعات سريعة، فيما أشاروا إلى الضغط على الأسعار من تسييل الأرجنتين للذهب لسداد ديون.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "NeoVision" لإدارة الثروات، الدكتور ريان ليمند، إن التراجعات الأخيرة في أسعار الذهب تُعد طبيعية جداً، بعد موجة ارتفاعات قوية، مؤكداً أن هذا التصحيح يمثل فرصة لإعادة تموضع المراكز المالية، وليس بداية لانعكاس الاتجاه.

وأضاف: "نرحب بهذا التصحيح، لأنه يمنح المستثمرين فرصة للشراء، ويتيح إعادة ترتيب المراكز المالية".

دور الأرجنتين في التراجعات الأخيرة
وعن تأثير الأرجنتين على حركة الذهب، أوضح ليمند أن ما حدث كان نتيجة تسييل لمراكز الذهب من قبل البنك المركزي الأرجنتيني، بهدف سداد بعض الديون المستحقة.

"هذا التسييل أثر على السوق بشكل محدود، ودفع بعض المستثمرين الآخرين لتسييل مراكزهم أيضاً، لكنه يظل حدثاً خاصاً وليس عاماً، ولا يُتوقع أن يؤدي إلى تصحيح كبير في أسعار الذهب".

واتفق مع الرأي السابق، الرئيس التنفيذي لشركة Sky Links Capital، دانيال تقي الدين، قائلاً: "التراجعات الأخيرة تأتي في إطار تصحيح طبيعي بعد ارتفاعات سريعة، وهو أمر كان متوقعاً إلى حد كبير، ولا يوجد تحول في الزخم تجاه شراء الذهب".

وتابع تقي الدين: "ما حدث أمس لا يُعد خروجاً عن المسار، بل هو تصحيح ضمن النطاق الطبيعي، وقد نشهد المزيد منه إذا ظهرت أخبار إيجابية على الصعيد الجيوسياسي أو بشأن إعادة فتح الحكومة الأميركية".

وعن أسباب التراجع، أشار إلى أن الأسواق لم تتلقَ أي أخبار معلنة أو تطورات جيوسياسية مباشرة، بل إن الترقب لاجتماع محتمل بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني يزيد من حالة الضبابية.

"ما حدث هو عملية جني أرباح، لا أكثر. التراجع بنسبة 6 إلى 7% لا يزال ضمن نطاق التصحيح، فالتاريخ يُظهر أن التراجعات الحقيقية تتجاوز 20%، كما حدث في سبتمبر 2022".

وتابع: "الذهب تاريخياً يشهد هبوطاً طويل الأمد بعد موجات ارتفاع قوية، لكن المشهد اليوم مختلف تماماً. في السابق، كانت البنوك المركزية ترفع أسعار الفائدة، أما الآن فبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يتجه نحو خفضها، وهو ما نتوقع أن يحدث في أكتوبر، مدفوعاً بعوامل مثل ارتفاع البطالة وضغوط سياسية".

أيضاً أكد محلل الأسواق المالية في شركة "Easy markets" خالد الخطيب، أن التصحيح في أسعار الذهب طبيعي والأونصة واجهت صعوبة باختراق حاجز 4380 دولاراً، معتبراً أن الهبوط العنيف لأسعار الذهب سببه الارتفاعات القوية خلال الفترة الماضية.

وأشار إلى أن العديد من المستثمرين الأفراد دخلوا سوق الذهب للمضاربة ما أدى لقلبات قوية.

هل يعاود الصعود؟

عن إمكانية استعادة المعدن الأصفر بريقه ومعاودة الصعود، يرى الدكتور ريان ليمند أن جميع العوامل التي دفعت الذهب للصعود لا تزال قائمة: التضخم، العجز في ميزانيات الدول المتقدمة، ارتفاع مستويات الدين، التوترات الجيوسياسية، والصراع التجاري بين الصين والولايات المتحدة.

وأشار إلى أن البنوك المركزية العالمية ما زالت تُظهر اهتماماً متزايداً بالذهب، مستشهداً باستبيان صادر عن مجلس الذهب العالمي كشف أن 75% من البنوك المركزية تنوي زيادة احتياطاتها من الذهب.

توقعات الذهب حتى نهاية العام

وفيما يتعلق بتوجه الذهب حتى نهاية العام، قال ليمند إن التوقعات تعتمد على تطورات المشهد التجاري بين الصين والولايات المتحدة. "إذا تم التوصل إلى اتفاق تجاري، فقد نشهد تصحيحاً أكبر في أسعار الذهب، أما إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه، فإننا نتوقع استمرار الارتفاع، ولا نستبعد أن تتجاوز الأسعار حاجز 4500 دولار بنهاية العام".

وعلّق ليمند على التفاؤل المحيط بالاقتصاد الأميركي، قائلاً إن الأرقام الفعلية تُظهر تحديات كبيرة: "الدين الأميركي تجاوز 38 تريليون دولار، ويزداد بمعدل 25 مليار دولار يومياً، وخدمة الدين تصل إلى 2.7 مليار دولار يومياً. هذه أرقام خيالية، ولا نرى خططاً واضحة من الحكومة الأميركية لمعالجة هذا الوضع".

وأيد دانيال تقي الدين أن الاتجاه العام للذهب لا يزال إيجابياً، مشيراً إلى أن مستويات الدعم القوية مثل 4000 دولار للأونصة قد تُختبر، وفي حال كُسرت، قد نرى مستويات عند 3650.
"لكننا نؤمن بمبدأ 'Buy the Dip'، فالذهب على المدى الطويل لا يزال أصلا جذابا، خاصة مع استمرار البنوك المركزية – بما فيها تلك في الأسواق الناشئة – في شرائه".

وتابع: "الأساسيات لا تزال قوية جداً، من ضعف الدولار، إلى الحرب التجارية، إلى السياسات النقدية التيسيرية. لذلك، أنصح المستثمرين بالتعامل مع الذهب بحذر، ولكن بثقة على المدى الطويل".

  •  

أقرأ أيضاَ

الأسعار العالمية قد تنخفض.. موجة فائض في الغاز المسال

أقرأ أيضاَ

ترامب: حرب تجارية مفتوحة مع الصين وتلويح برسوم جمركية 100%