بلدية بيروت تدرس موازنة خيالية: "الربّ راعيها" يدير العاصمة!

بلدية بيروت تدرس موازنة خيالية: "الربّ راعيها" يدير العاصمة! -- Dec 16 , 2025 22

عقد المجلس البلدي لمدينة بيروت أمس جلسة لمناقشة موازنة عام 2026، في سرعة غير معتادة لإنجازها قبل نهاية العام، إذ دُعي المجلس إلى عقد اجتماعين خلال أسبوع واحد، وهو ما يشكّل سابقة منذ انتخابه في أيار الماضي. إلّا أنّ الاعتراضات العديدة حالت دون إنهاء النقاش، والانتقال إلى بنود النفقات بعد مناقشة الإيرادات، إذ طرح الأعضاء استفسارات كثيرة حول عدد من البنود، على أن تُقدّم الإجابات في الجلسة المقبلة، وسط انتقادات لاعتماد بعض الأرقام على معطيات خاطئة.

وكما في كل استحقاق، يبدو واضحاً أنّ المجلس يسير وفق قاعدة «الربّ راعيها»، من دون خطة واضحة أو مشاريع مستقبلية يسعى لتنفيذها، ولا لائحة شاملة تحدّد حاجات العاصمة وهمومها، وهو نمط متكرّر منذ انتخاب المجلس، ما يعكس ضعف قدرة المجلس البلدي على تطوير المدينة أو تلبية المتطلّبات اليومية لسكانها، سواء من حيث الخدمات الأساسية أو المشاريع العمرانية والبنية التحتية.

وأبرزت الجلسة أمس اعتراضات الأعضاء على واقعية الموازنة المُعتمدة، التي رفعت الإيرادات بأرقام وصفها البعض بالخيالية. فعلى سبيل المثال، ارتفعت واردات رخص البناء من 5 ملايين دولار إلى 17 مليوناً، في حين ارتفعت الرسوم من 570 مليون ليرة إلى نحو 1.5 مليار ليرة، علماً أنّ التقديرات الأولية للمجلس في موازنته لعام 2023 كانت تشير إلى 454 مليار ليرة قبل أن تتمكّن البلدية لاحقاً من جباية 570 ملياراً. هذه الأرقام أثارت حفيظة الأعضاء الذين اعتبروا أنّ الوصول إليها صعب في ظل الوضع الأمني الراهن، إضافة إلى عدم قدرة البلدية على مسح الأملاك المكتومة وتكليف مالكيها، خصوصاً أنّ البلدية رفضت الاستعانة بشركة متخصّصة لهذا الغرض، معتمدة حالياً على جابٍ واحد فقط لأداء هذه المهمة، وداعية المواطنين إلى دفع الرسوم طواعية من دون آلية جبائية فعّالة.

وبناءً على ذلك، اعترض الأعضاء على رفع الإيرادات استناداً إلى توقّعات غير واقعية، ما قد يُهدّد الوضع المالي للبلدية في حال عدم تحقّق هذه المبالغ. في المقابل، تمسّك المعنيون بالأرقام المذكورة، مؤكدين أنّها تستند إلى لائحة قدّمها القطاع الهندسي للبلدية. وفي الوقت نفسه، أظهرت المستندات المُقدّمة ضمن مشروع الموازنة ضآلة الرسوم المُخصّصة للمطاعم ومحطات الوقود، التي لا تتجاوز 50 دولاراً سنوياً، ما يزيد من حدّة الجدل حول العدالة والفاعلية المالية للموازنة.

واعترض بعض الأعضاء على ما وصفوه بـ«تعمّد» محافظ بيروت، القاضي مروان عبود، إشراك المجلس في صياغة مشروع الموازنة من خلال رئيس اللجنة المالية وموظف من الإدارة، بدلاً من أن تتولّى الإدارة هذه المهمة مُمثّلة بالمحافظ وفق القوانين المعمول بها، إذ تنص القوانين على أن تُعِدّ الإدارة الدراسة ثم تُعرض على المجلس لمناقشتها أو تعديلها أو الموافقة عليها. واعتبر المعترضون هذا الإجراء تجاوزاً للصلاحيات وخلطاً للأدوار بين الإدارة والمجلس وتحميلَ اللجان المسؤولية.

كذلك أثار الأعضاء قضية غياب قطع الحساب لسنوات طويلة، ما يصعّب متابعة الأموال الموجودة في الصندوق وتحديد الفائض أو العجز، ويعيق بالتالي تنفيذ المشاريع. فيما تعمل إدارة البلدية حالياً على إعداد قطع الحساب تمهيداً لإحالته إلى ديوان المحاسبة قبل عرضه على المجلس.

من جهة أخرى، اعتبر بعض الأعضاء أن المجلس يعتمد في إعداد الموازنة على أرقام سابقة، وهو أمر غير دقيق، خصوصاً أنّه لا يمكن الاستناد إلى موازنة مجلس بلدي في «أيامه الأخيرة».

كما أشاروا إلى اعتماد الموازنة على واردات الصندوق البلدي المستقلّ، بما فيها الرسوم المُخصّصة من الدولة مثل رسوم الهاتف، وسط مخاوف من تأخّر هذه الإيرادات أو تأجيلها من قبل الحكومة، أو حتى رفض إحالتها، خصوصاً أنّ جزءاً منها يُخصّص لتغطية نفقات جمع النفايات في العاصمة. وشدّدوا على ضرورة التأكّد من تحقّق هذه الإيرادات قبل الاعتماد عليها في الموازنة الجديدة، لضمان قدرة البلدية على تغطية نفقات رفع النفايات والخدمات الأساسية.

ويُتوقّع أن تكون الجلسة المقبلة عاصفة، مع تصاعد الجدل حول رفع النفقات بشكل مُبالغ فيه، استناداً إلى تقديرات رؤساء اللجان، مثل تخصيص مليون دولار لنفقات قسم المعلومات، ونحو 200 ألف دولار لنفقات السفر (في وقت كان المجلس البلدي السابق يمتنع عن تغطيتها)، و500 ألف دولار للاستملاكات.

لينا فخر الدين - الاخبار

أقرأ أيضاَ

ميقاتي والبساط: الاستقرار والإصلاح وحوافز القطاع الخاص لإعادة الطاقات اللبنانية

أقرأ أيضاَ

200 مكلّف إلى النيابة المالية.. والملاحقة تشمل المتهربين من ضريبة أرباح "صيرفة"!