اختبار الودائع الكبير... الحكومة تحت المجهر -- Dec 23 , 2025 23
بين وعود استرداد الودائع والمخاوف من شطبها، عاد ملف الفجوة المالية إلى الواجهه مع بدء الحكومة درس "مشروع قانون الانتظام المالي والودائع".
أسئلة كثيرة لا تزال تدور في فلك هذا المشروع، في ظل تباين حاد في المواقف.
ففي حين ترى الحكومة فيه خطوة إصلاحية أساسية تتماشى مع الواقع ومع شروط صندوق النقد الدولي، وتعتبره انتقالًا من إدارة الأزمة إلى محاولة معالجتها تشريعيًا، شنّت جمعية المصارف هجومًا واسعًا عليه، معتبرة أنه يحمّل المصارف أعباء غير مبرّرة ويهدد استمراريتها.
نقابة المحامين اعتبرت بدورها، أن مشروع قانون الفجوة المالية يشكّل شطبًا للودائع بدل استعادتها، وتبرئة ضمنية للقيمين على الدولة ومتولي السلطة.
أما جمعيات المودعين، فعبّرت عن غضبها، معتبرة أن القانون لا يضمن إعادة الودائع كاملة، بل يقتصر على نسب محدودة، ما يشكّل شطبًا فعليًا لحقوق المودعين.
وفي هذا السياق، اعتبر رئيس جمعية المودعين حسن مغنية، في حديث خاص عبر “لبنان٢٤”، "أن مشروع قانون الفجوة المالية “مجحف وظالم بحق المودعين”، مشيرًا إلى أن الطرح الحالي الذي يقضي بتوزيع 100 ألف دولار على أربع سنوات يشكّل حلًا جزئيًا لا يعالج المسببات الأساسية للأزمة.
وتساءل مغنية: “ماذا عن المبالغ التي تفوق 100 ألف دولار؟ وحتى في حال الحديث عن استردادها عبر سندات، تبقى هذه السندات مجهولة المصير، ما يفتح الباب أمام تكرار الأزمة كما حصل في مراحل سابقة”.
وأضاف: “لا يوجد في هذا المشروع أي وضوح حول مصير المودعين الذين يملكون ودائع أو تعويضات بالليرة اللبنانية”.
وشدد مغنية على أن “هذا القانون لا يشكّل حلًا عادلًا ولا شاملًا، بل يكرّس غياب الثقة بالنظام المالي”، معتبرًا أنه بعد مرور ست سنوات على الأزمة “لم تقدّم الحكومة أي تفسير واضح أو شفاف حول جذور الأزمة والمسؤولين عنها”.
كما رأى أن “التمييز بين ودائع مؤهلة وغير مؤهلة، كما تعتمد الحكومة الحالية، أمر مرفوض، إذ لا فرق بين مودع صغير أو متوسط أو كبير، فجميعهم متضررون من السياسات المالية نفسها”، مشددًا على ضرورة التمييز بين الودائع المشروعة وغير المشروعة، لأن الخلط بين هذه التصنيفات يضرّ بحقوق الجميع.
الحكومة أمام أصعب اختبار مالي
أمس، وُضع مشروع قانون الفجوة المالية على طاولة مجلس الوزراء لمناقشته قبل إحالته إلى البرلمان، على أن تُستكمل اليوم مناقشة مواد المشروع مع إدخال تعديلات إضافية على بعض بنوده، في ظل انقسام سياسي وضغوط دولية لإقراره سريعًا.
وحسب معلومات “لبنان٢٤”، ناقش مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة أهداف المشروع والمبادئ العامة والتعريفات ونطاق التطبيق.
وتضيف المعلومات "أن جلسة اليوم قد لا تُفضي إلى إقرار المشروع نهائيًا، بل ستكون مخصّصة لاستكمال النقاش والتعديلات، مع بروز الانقسام بين مؤيدين يرون في القانون مدخلًا لإنصاف المودعين وتعزيز مسار التعافي، ومعارضين يعتبرونه شطبًا للودائع وتحميلًا للمصارف خسائر غير عادلة".
الشارع يترقّب… والمودعون على خطّ المواجهة
تشير التقديرات إلى احتمال تحرّك المودعين نحو الشارع مع استمرار مناقشة مشروع قانون الفجوة المالية بصيغته الحالية.
وكانت جمعيات المودعين قد أعلنت أكثر من مرة أنها ستواصل التصعيد والاعتصام أمام البرلمان في حال إقرار القانون من دون تعديلات جوهرية، معتبرة أنه يشكّل شطبًا فعليًا لجزء كبير من الودائع.
وتفيد مصادر متابعة عبر “لبنان٢٤” "بأن حملة جديدة ستُطلق ضد المصارف، هدفها توعية المودعين إلى مخاطر فقدان الثقة بالنظام المصرفي الحالي، في ظل استمرار السياسات التي يصفها المودعون بالمجحفة".
يُذكر أن الأزمة المالية تعود إلى العام 2019، حين دخل لبنان أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة أدّت إلى تجميد الودائع في المصارف وانهيار الثقة بالنظام المالي، فيما قُدّر حجم الفجوة المالية بحوالى 70 إلى 80 مليار دولار، نتيجة سياسات متراكمة للدولة ومصرف لبنان والمصارف التجارية.