كما سلاح الحزب كذلك "القرض الحسن"...هذا ما تفتقر إليه إصلاحات صندوق النقد! -- Apr 25 , 2025 2
تكشف اوساط مشاركة في اجتماعات وفد لبنان مع صندوق النقد الدولي ان الوفد سمع مراراً من فريق الصندوق ضرورة الشروع في الإصلاحات. وهذه الإصلاحات تمثّل حاجة ماسة للبنان، سواء تم التوصل إلى اتفاق مع الصندوق أم لا، لأنها تمسّ قضايا جوهرية يتوجب على لبنان – في القطاعين العام والخاص – معالجتها فوراً من أجل تصحيح أوضاعه المالية، من زيادة الإيرادات الضريبية، إلى خفض العجز في الموازنة، وتجميد التوظيف في القطاع العام، وتثبيت الأسعار لمكافحة التضخم، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي كي يعود إلى قبول الودائع ومنح القروض، وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مفاصل الإدارة، من مجلس الإنماء والإعمار إلى الدوائر العقارية.
ولكن، كيف يمكن للحكومة ومصرف لبنان أن يفرضا شروطًا صارمة على القطاع المصرفي الشرعي، في حين تلتزمان الصمت حيال القطاع المصرفي الموازي أو “الظل”، المتمثل بجمعية “القرض الحسن”؟ هذا السؤال تطرحه وزارة الخزانة الأميركية مرارًا وتكرارًا، والإجابات المقدّمة حتى الآن إما غير مقنعة أو مرفوضة كلياً.
وتقول الاوساط لـ"المركزية": كما أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، والنظام الجديد الناتج عن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، يطالب بنزع سلاح حزب الله، فيجب أن يكون هناك أيضًا شرط صريح لتمويل صندوق النقد للبنان، وكذلك لتمويل المجتمع الدولي لإعادة إعمار البنية التحتية – ليس فقط في الجنوب – يقضي بإصدار قرار واضح من صندوق النقد الدولي يُلزم الحكومة اللبنانية باعتبار “القرض الحسن” كياناً تمويلياً غير شرعي يجب تفكيكه.
وتضيف: ”القرض الحسن” لا يشكّل فقط شذوذاً في المشهد المالي اللبناني، بل هو عقبة حقيقية أمام التمويل الدولي، وأمام تشجيع القطاع المصرفي الشرعي على قبول الإصلاحات وإعادة الهيكلة التي تقتضيها أي خطة إنقاذ مصرفية، وأمام إزالة اسم لبنان من “القائمة الرمادية”. وزارة الخزانة الأميركية تكرر هذا المطلب صراحة، بينما يبدو صندوق النقد غافلاً عنه!
صحيح أن القوانين الجاري إقرارها تمثّل خطوة ضرورية نحو استعادة الحد الأدنى من الاستقرار في قطاع مالي دُمّر بفعل الأزمة ويعمل حالياً بأدنى قدراته. غير أن إلغاء السرية المصرفية، ووضع إطار قانوني لتحديد أي المصارف يمكن إنقاذه وأيها يجب تصفيته بعد دراسة معمّقة لوضع كل مصرف، لا يعالج المسألة الأخطر: وقف الأنشطة غير المشروعة لشبكة مصرفية بحكم الأمر الواقع تعمل خارج سلطة لجنة الرقابة على المصارف وخارج سلطة مصرف لبنان التنظيمية.
وعليه، ينبغي لصندوق النقد، كما فعل المجتمع الدولي في إطار وقف إطلاق النار ونزع سلاح حزب الله، أن يصرّ على أن أحد شروط الانخراط في اتفاق تمويلي شرعي مع الدولة اللبنانية ضمن برنامج لمعالجة الدين العام وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، هو القضاء الكامل على أي كيان أو مؤسسة مالية تعمل خارج نطاق سلطة مصرف لبنان. وإلا، فإن الإصلاحات والشروط ستطبّق فقط على الجهات المرخصة والمنظمة، بينما تواصل الكيانات غير المرخصة وغير الخاضعة للقانون تقديم خدمات الودائع والقروض بعيداً من أي رقابة أو التزام بالقوانين.
وكما أن النسخة الجديدة من القرار 1701 تدعو إلى تنفيذ عملية نزع سلاح حزب الله، فعلى صندوق النقد الدولي – باعتباره ممثل النظام المالي الدولي – أن يطالب وبلا تأخير أو التباس بوقف عمل الذراع التمويلي لحزب الله. وإلا، فإننا سنكون أمام نظام مصرفي مزدوج، تُفرض فيه الالتزامات والإصلاحات على المؤسسات الملتزمة بالقانون، وتُمنح الاستثناءات لتلك التي لا تحترم لا القوانين النافذة ولا تلك التي يتم سنّها حالياً.
وتردف الاوساط: تحدث صندوق النقد عن الشفافية، ومكافحة الفساد، وأفضل المعايير في القطاع المصرفي، وهذه الرسالة التي تلقاها كل من الحكومة ومصرف لبنان بإيجابية، ستفقد مضمونها وجدواها إن لم تُستكمل باجتثاث ما يُعدّ التجسيد الفعلي للفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، ألا وهو “القرض الحسن”. فليس من المجدي الحديث عن إصلاحات وفرضها إن كانت هذه الإصلاحات تسمح باستثناءات تقوّض أهداف الصندوق والمجتمع الدولي، وتنتهك قواعد سيادة القانون في القطاع المالي والمصرفي.
لن تكون هناك إعادة إعمار ولا إصلاحات ولا تمويل من مانحين إقليميين أو دوليين، إذا استمر وجود جيش رديف مثل حزب الله مسلّحًا، وإذا بقيت ذراعه المالية قائمة وتمارس عملها بلا رقيب أو مساءلة.