المال والسياحة وقعتا عقد القمار عبر الانترنت.. فهل تتشاركان مع الكازينو المسؤولية؟ -- Jul 14 , 2025 9
أزمة ترخيص القمار عبر الإنترنت في كازينو لبنان تتفاقم منذ سنوات، وتثير جدلاً قانونياً وإدارياً واسعاً. عام 2022، تعاقد كازينو لبنان مع شركة "Onlive Support Services" (OSS) لإدارة منصة "betarabia" الخاصة بالمراهنات الإلكترونية، وهو ما أثار تساؤلات قانونية حول شرعية هذا التعاقد. ادارة الكازينو استندت الى الترخيص المعطى لها باحتكار العاب القمار والذي اعتبرت انه ينطبق على كل الانواع حضوريا وعن بعد، طالما ان القانون لم يلحظ الجزء الثاني لعدم توافر ذلك عند صدوره، لكنه لحظ الاحتكار في مقره، والالعاب من بعد تدار من المقر نفسه. اما الرأي الاخر والذي تدعمه "مافيات" القمار المتفلتة فتعمل على كسر هذا الاحتكار للإبقاء على حركتها وتفلت عملها.
ديوان المحاسبة أصدر رأياً استشارياً في نيسان / أبريل 2025، أكد فيه أن الكازينو لا يملك الصفة القانونية لتنظيم القمار عبر الإنترنت. وأشار إلى أن التعديلات التي أُدخلت على العقد عامي 2008 و2023 لم تمنح الكازينو حقاً حصرياً في هذا المجال، بل تتطلب تعديلا قانونيا واضحا. وشدد على ضرورة وضع تشريع ينظم قطاع القمار الإلكتروني، لحماية حقوق الدولة والمجتمع.
لكن هذا العقد نال توقيع وزارتي المال والسياحة، ما يطرح علامات استفهام حول حجم مسؤوليتهما، وسكوت الدولة عن مخالفات تشريعية واضحة. والأهم عمن يدفع الثمن اذا كانت وزارات الدولة تقر ما لا يوافق عليه ديوان المحاسبة.
في 22 آذار/مارس 2023، وقّع وزير المال يوسف الخليل ووزير السياحة وليد نصّار ملحقا جديدا لعقد الامتياز الموقع أصلاً بين الدولة وكازينو لبنان. هذا الملحق يمنح الكازينو وشريكه المشغّل (شركة OnLive Support Services) حق إدارة منصّة للمراهنات الإلكترونية تُعرف باسم "betarabia"، من دون أي إطار تشريعي رسمي، ولا الرجوع إلى مجلس النواب.
في رأي المحامي المختص بالقانون الإداري يوسف بو توما أن "ما يُثير القلق هو أن توقيع الوزارتين المعنيتين (المال والسياحة) جاء من دون أي مسوّغ قانوني، متجاوزاً الأطر الدستورية والأصول الإدارية، ما يجعل مسؤولية الوزيرين (الحاليين أو السابقين) موضع مساءلة قانونية ومحاسبة".
ويقول: "وفق تقارير ديوان المحاسبة، فإن هذه التعديلات لم تمرّ عبر مجلس الوزراء، ولم يُعرض مضمونها على مجلس النواب لتعديل القانون أو إدراج صلاحية القمار الإلكتروني، ومنحت الكازينو أفضلية احتكارية في مجال لا يخضع حالياً لأي تنظيم تشريعي واضح. وبالتالي، فإن توقيع العقد لا يُعدّ فقط عملاً باطلاً قانونياً، بل يشكل تعدياً على صلاحيات السلطة التشريعية، ويهدد بمزيد من التفسخ في بنية الدولة القانونية".
في رأيه، كان يُفترض أن يكون تنظيم هذا القطاع مدخلاً إلى زيادة مداخيل الدولة، لكن ما جرى هو العكس. فقد تم منح حق التشغيل لشركة خاصة من دون مناقصة، وبعقد وُقّع من دون رقابة، ما يفقد الدولة سيطرتها المالية والقانونية على القطاع، ويُفرّغ الإصلاحات من مضمونها.
ويسأل في هذا الإطار: "هل وقّعت الوزارتان العقد عن إدراك لمخالفته، أو عن إهمال وتقصير في دراسة الجوانب القانونية؟ في كلتا الحالتين، تقع على الوزارتين مسؤولية مزدوجة: قانونية، لتجاوزهما حدود الصلاحيات وعدم الرجوع إلى التشريع.
ومالية، لإمكان التسبب بإهدار المال العام من خلال منح امتياز غير مشروع".
ويعتقد أنه "لا يمكن تبرئة الوزارتين من مسؤولياتهما بحجة أن كازينو لبنان شركة مختلطة، لأن الدولة اللبنانية شريك أساسي فيها وتملك حصة الأغلبية، ما يعني أن أي مخالفة قانونية أو عقدية تقع حُكماً ضمن نطاق رقابة الدولة ومؤسساتها".
ويختم بأن "المطلوب اليوم إحالة الملف على القضاء المالي والإداري لمحاسبة المسؤولين، بالإضافة إلى تقديم اقتراح قانون عاجل إلى مجلس النواب ينظّم قطاع القمار الإلكتروني، ويضبط الإيرادات ويوزّعها بعدالة، وإعادة النظر في دور وزارة السياحة والمال في كل العقود المستقبلية التي قد تضرّ بالخزينة تحت غطاء "الخصخصة" أو "الشراكة".
في المقابل، تواجه الحكومة تحديات في تنظيم هذا القطاع، نظراً إلى غياب تشريع واضح، ووجود جهات نافذة تدعم الأنشطة غير القانونية. وقد أقرّت اللجنة النيابية الفرعية اقتراح قانون لتنظيم القمار الإلكتروني، بهدف الحد من المواقع غير المرخصة، وحماية اللاعبين، وتعزيز إيرادات الدولة.
بناءً على ذلك، تبرز الحاجة الملحة إلى تطوير تشريع شامل ينظم القمار عبر الإنترنت، ويحدد صلاحيات كازينو لبنان في هذا المجال، ويعزز الرقابة على الأنشطة الإلكترونية لضمان مصلحة الدولة والمجتمع.
اسكندر خشاشو - النهار