لا سيّاح أجانب في لبنان -- Jul 17 , 2025 5
لا تكف جهات حكومية عن ربط الازدهار الاقتصادي في لبنان بتنشيط السياحة دون غيرها من قطاعات الاقتصاد، وبمجيء السياح المستعدّين لصرف الدولارات في السوق.
وللترويج لفكرة «النهضة الاقتصادية» في لبنان، تُستخدم أرقام الوافدين عبر مطار بيروت الدولي والتي تناهز 16 ألف وافد يومياً قادمين على نحو 100 رحلة، بمعدل هبوط طائرة كلّ 15 دقيقة في المطار، وقد تراكم العدد ليبلغ نحو ربع مليون عابر للمطار منذ مطلع تموز الجاري أقلّه. لكن، هل تنعكس هذه الأرقام انتعاشاً على مستوى القطاع السياحي بمختلف أذرعه من فنادق ومطاعم ومكاتب تأجير سيارات، فضلاً عن وكالات السياحة السفر؟
«تمشي الأمور بطريقة عرجاء»، يقول نقيب أصحاب الفنادق بيار أشقر الذي يشير إلى أن نسبة إشغال في الفنادق لم تتجاوز حدود 50% في بيروت، علماً أنّها يجب أن تكون الآن في حدود 70%، لا سيما أنّنا في عزّ الموسم. أما أرقام الوافدين عبر مطار بيروت، فيؤكّد الأشقر أنّها لن تنعكس على القطاع السياحي، لأنّ غالبية القادمين هم لبنانيون مغتربون، وليسوا من دول الخليج العربي.
وهؤلاء الوافدون لن يقيموا في الفنادق ولن يسهموا كثيراً في تحريك العجلة السياحية، بل سيسكنون في مناطقهم ويصرفون أموالهم بشكل محلّي ومحدود.
ويقول الأشقر إنّه في سنة 2010 دخل لبنان أكثر من مليوني سائح من جنسيات مختلفة، ولم تحتسب في حينه الجنسية اللبنانية أو السورة من ضمن الأعداد. أما الآن، فنعدّ اللبناني والسوري من ضمن أعداد السائحين.
من جهته، يوافق كلام الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية جان بيروتي مع كلام الأشقر بشأن حلول الجنسية اللبنانية في المرتبة الأولى للوافدين عبر مطار بيروت، إلا أنه يبدي تفاؤلاً حذراً بإمكانية تحسن الأوضاع السياسية والأمنية، ما يسهم في إعادة تنشيط الحركة السياحية، إنّما يشترط أن يحصل الحلّ قريباً لأنّ «الوقت محدود، وما يتبقى هو أقل من شهر واحد لاستثمار الهدوء والوصول إلى خريف واعد»، وفقاً لتعبير بيروتي.
عدم وجود حركة سياحية عربية أو أجنبية واضح أيضاً لدى أصحاب وكالات السفر، إذ يصف زياد العجوز صاحب وكالة العجوز للسياحة والسفر الوضع السياسي والأمني بـ«المكهرب».
ويؤكّد أنّ «أرقام مطار بيروت الدولي ليست مؤشراً على زيادة أعداد السائحين، لأنّ غالبية القادمين هم من المغتربين اللبنانيين، وهؤلاء معتادون على البلاد وليسوا بحاجة إلى برامج سياحية خاصة». وحول وضع مكاتب السياحة والسفر، يؤكّد العجوز «عدم تأثرها بأعداد القادمين إلى لبنان»، إنّما يصف حالة الرحلات السياحية الخارجية بـ«الضعيفة»، ويقول «لا نشعر بأنّ الموسم السياحي واعد».
وبحسب الأشقر «لا ينشّط الاغتراب اللبناني كلّ المناطق السياحية دفعةً واحدةً، بل يؤدي إلى أن تأخذ كل منطقة من حصّة الأخرى».
فعلى سبيل المثال «عاد النشاط السياحي والاقتصادي إلى منطقة وسط بيروت هذه السنة مع افتتاح نحو 50 مطعماً فيها، ولكن هذا النشاط جاء على حساب مناطق أخرى مثل أسواق جبيل، ومدن الجبل، حيث لم تعمل المؤسسات السياحية بكامل طاقتها بسبب عدم وجود السياح العرب، وبقاء درجات الحرارة عند حدود مقبولة في بيروت، ما يعني عدم الحاجة إلى التوجه نحو الجبل».
من جهة ثانية «المسابح وضعها أفضل من المطاعم والفنادق وغيرها من المؤسسات السياحية»، يقول بيروتي، معيداً السبب إلى «اعتمادها على المقيمين أكثر».
وهنا، يعترض بيروتي قبول مجلس الوزراء طلب وزارة التربية بفتح المدارس في بداية أيلول.
إذ إن 20% من الاقتصاد يقوم على القطاع السياحي، يقول بيروتي، وبالتالي إن فتح المدارس باكراً يعني إخراج جزء كبير من اللبنانيين من حسابات المؤسسات السياحية ابتداءً من منتصف آب، ما سيحرمها من جزء كبير من عائداتها، وهو ما يجري الآن، لأنّ الامتحانات الرسمية لم تنتهِ بعد رغم أنّنا أصبحنا في منتصف شهر تموز.
بيوت الضيافة تتقدم على الفنادق
بحسب نقيب أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود، «قبل الحرب على إيران بدأ الخليجيون بالتوافد إلى لبنان، أما الآن، فتراجعت الأعداد كثيراً». كما أكّد عبود عدم وجود سيّاح أوروبيين في لبنان منذ 7 تشرين الأول عام 2023، أي منذ بداية الحرب على غزة.
وفي تعليق حول أرقام الوافدين عبر مطار بيروت الدولي، رأى عبود أنّ غالبية القادمين هم من اللبنانيين، مع وجود أعداد قليلة من السيّاح العرب من الجنسيات المصرية والعراقية والأردنية، وهؤلاء لا ينفقون مبالغ كبيرة من الأموال مقارنةً بالسيّاح الخليجيين.
وبحسب عبود، يستدل على ضعف الموسم السياحي من الحجوزات الفندقية، والتي لم تتجاوز نسبة 40% في أحسن الأحوال.
لذا، «تراجعت التوقعات بالموسم الصيفي من خانة الممتاز وصولاً إلى خانة المقبول». فالسياحة الداخلية للبنانيين تسهم في تنشيط عدد من المؤسسات السياحية، مثل بيوت الضيافة، والتي تفوقت في حجوزاتها على حجوزات الفنادق، وفقاً لعبود.
ولكن، حتى مع الحركة اللافتة صوب بيوت الضيافة، إلا أنّها تعمل فقط في عطل نهاية الأسبوع، في إشارة مجدداً إلى السياحة الداخلية.
الأخبار - فؤاد بزي