لماذا بدأ مفهوم "الوظيفة" يفقد بريقه؟

لماذا بدأ مفهوم "الوظيفة" يفقد بريقه؟ -- Jul 29 , 2025 2

لم تعد الوظيفة التقليدية هي الخيار الأول والوحيد لفئة الشباب اليوم، أو الحلم المنشود كما كانت في العقود السابقة. فمع انتشار ثقافة العمل المرن والاعتماد على المهارات الذاتية، بدأت فكرة الوظيفة بحد ذاتها تتلاشى تدريجيًا من الأذهان، لتحل محلها فلسفة جديدة قوامها المبادرة، والاستقلال المالي، والبحث عن الشغف من خلال تأسيس مشاريع صغيرة تتمشى مع ميول الأفراد واحتياجات السوق المتجددة.


هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل تغذى من عدة عوامل متشابكة، أوّلها الصحة والراحة النفسية التي لطالما تكلّمت عليها هذه الفئة، التي كانت إلى حدٍ ما، عارفة تمامًا حقوقها وواجباتها من الوظيفة، من دون القبول بكل ما هو تريده، مثل الدوام الإضافي من دون أجرٍ مضافٍ، رفض فكرة نصف ساعة استراحة والمطالبة بساعة، كذلك الامر بالنسبة لنصف يوم سبت والمطالبة بإلغائه، عدم القبول براتبٍ لا يتمشى مع متطلبات الحياة، الزيادات بعد فترةٍ حقّ، العطل الرسمية حق، تأمين بدل النقل حق،... الخ.

هذا الجيل اليوم، فقد الأمان الوظيفي في المؤسسات الكبيرة، وصعوبة تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعمل، ناهيك بالروتين والجمود الوظيفي الذي لا يواكب طموحات جيل يبحث عن التأثير والمرونة لا عن البقاء تحت سقف وظيفي تقليدي. في المقابل، وفّرت الثورة الرقمية أدوات غير مسبوقة لبدء المشاريع بأقل التكاليف، بدءاً من التسويق الرقمي ووصولاً إلى التجارة الإلكترونية والعمل الحر، مما جعل ريادة الأعمال خياراً عملياً، لا مجرد حلم.

لقد أصبح تأسيس مشروع صغير اليوم ليس مجرد بديل عن الوظيفة، بل رؤية مستقبلية تعكس استقلالية الفرد، وشجاعته في تحويل أفكاره إلى واقع ملموس. ووسط هذا التحول، نجد أن الجيل الصاعد لا يكتفي بمجرد البحث عن دخل، بل يسعى لصناعة قصة، وبناء علامة، وترك أثر، في مشهد اقتصادي بات يعترف أكثر من أي وقت مضى بقيمة الابتكار الفردي والمبادرة الذاتية.

لماذا بدأ مفهوم "الوظيفة" يفقد بريقه؟

أسباب كثيرة جعلت من الوظيفة تفقد قيمتها ورونقها، مثل غياب الأمان الوظيفي، حتى في الشركات الكبيرة، بات الموظفون عرضة للتقلبات الاقتصادية والتسريحات المفاجئة، الروتين وقلة المرونة، انتشار المهارات الرقمية لأنّ الإنترنت سهّل على الشباب بدء مشاريعهم، من متجر إلكتروني إلى قناة على يوتيوب أو تقديم خدمات حرة (freelancing)، المنصات الاجتماعية التي رسّخت فكرة أن النجاح قد يأتي من بناء شيء خاص، لا من التدرّج الوظيفي التقليدي، عدم الحاجة الى رأسمالٍ كبيرٍ، أدوات التسويق والإدارة صارت متاحة للجميع (مواقع، إعلانات، تحليل بيانات...).، السوق اليوم يقدّر "المنتجات المخصصة" و "التجارب الشخصية" التي توفرها المشاريع الصغيرة. وحتى في الاقتصاد المحلي، الحكومات بدأت تدعم المشاريع الصغيرة كرافد للنمو.

ad
ولكن ليس كل من يترك الوظيفة سينجح في مشروعه، فبعض الوظائف لا تزال ضرورية ولن تزول، لكنها قد تتغير طبيعتها، مثل الوظائف في القطاع الصحي، التعليم، القانون والقضاء والوظائف الأمنية والعسكرية.

أفكار جديدة

الكثير من الشباب، قد لا يكون لديهم الشغف أو المال أو حتى الوقت الكافي، لبدء مشروع صغير، لأن التوجه إلى سوق العمل منذ سن صغيرة، يساعد كثيرًا في الحياة العملية فيما بعد، لذلك من المستحسن الانضمام إلى مشاريع صغيرة أو كبيرة، من أجل اكتساب خبرات ومهارات التعامل مع المجتمع. ومن أشهر مشاريع خدمة المجتمع التي يمكن للفرد اتّباعها هي فتح متجر من داخل البيت وبيع أغراض مستوردة بالسانتات من الصين، التركيز على المأكولات لأن هكذا انواع أعمال لا تزول ولا تُخسر، مثل السندويشات والطبق اليومي، والمونة من دون زيادة التكاليف، بل من البيت نفسه يمكنكم أن تقدموا الطلبات، التعليم عن بُعد عبر الانترنت، البورصة، العمل في بيع الملابس المستعملة كإعادة تدوير، تأمين مكنة تحضّر البطاطس المقرمشة، تأمين مكنة كهربائية تقطّع الخضر والفاكهة، فتح قناة على يوتوب وإعداد البودكاست، بيع الكتب المدرسية المستعملة، كتابة قصص للأطفال،...


مارينا عندس - الديار

أقرأ أيضاَ

بعد استغلال اسمها في مجال البورصات المالية... قناة لبنانية توضح!

أقرأ أيضاَ

جابر التقى المجلس الاغترابي اللبناني للأعمال