حكومة سلام تضرب "الشراء العام" -- Aug 07 , 2025 107
يواصل وزراء حكومة نواف سلام ضرب قانون الشراء العام والالتفاف على نصوصه الملزمة بإجراء مناقصات أو طلب عروض أسعار، لإتمام عمليات الشراء العام.
ويحلو لوزراء حكومة «الإصلاح والإنقاذ»، ومنهم وزير الطاقة والمياه جو صدي، انتقاء المادة 46 من قانون الشراء العام المتعلّقة بـ«الاتفاقات الرضائية»، لإقرار عقود توريد فيول أويل لا تنطبق عليها المواصفات المنصوص عليها في هذه المادة.
وصدّي تحديداً، الذي شنّ في أكثر من مناسبة هجوماً على نهج سلفه وليد فياض في تأمين الوقود اللازم لتوليد الكهرباء من عقود مع الدولة العراقية، اختار أن يواصل مسيرة إنتاج الكهرباء بعقود رضائية.
هذه خلاصة الملف الذي عرض أمس في مجلس الوزراء. وفيه أنه وردت رسالة إلكترونية إلى وزارة الطاقة والمياه من مؤسسة البترول الكويتية تعرض فيها تزويد الوزارة بكمية 132 ألف طن متري من الغاز أويل لزوم إنتاج معامل الكهرباء على أن تكون 66 ألف طن منها هبة والباقي يتم شراؤه بعقد رضائي.
وطلب وزير الطاقة بالاستناد إلى الفقرة الخامسة من المادة 46 من قانون الشراء العام، موافقة مجلس الوزراء على العقد الرضائي. وبالفعل، قرّر المجلس من دون أي نقاش جدّي «تفويض وزير الطاقة إجراء المفاوضات اللازمة مع مؤسسة البترول الكويتية للتجارة، وتوقيع عقد رضائي معها لتوريد كميات من مادة الغاز أويل اللازمة لتشغيل معملي الزهراني ودير عمار».
لكن اللافت أنه قبل صدور هذه الموافقة، تقول المعطيات إن صدّي استعجل قبول العرض الكويتي وطلب من مؤسسة الكهرباء حجز الأموال المطلوبة لشراء الوقود الكويتي.
إذ يعرف صدّي تماماً أنّ مخزون الوقود المخصص لإنتاج الكهرباء في تناقص مستمر، ولا سيّما بعد إلغاء المناقصات مع الجانب العراقي.
وفي حال وصول باخرتي الفيول خلال الشهر الجاري اللتين كانتا مجدولتين سابقاً، ستستمر المعامل بالإنتاج حتى نهاية أيلول المقبل وفقاً لمستوى الإنتاج الحالي من الطاقة، أي بقدرة 750 ميغاواط، أو 6 ساعات يومياً من الكهرباء.
فالاستهلاك اليومي من مادة «الغاز أويل» اللازم لتشغيل معملي الزهراني ودير عمار يبلغ 2600 طن، أما مادة الفيول التي تشغل المحرّكات العكسية في معملي الذوق والجية الجديدين، فيبلغ الاستهلاك اليومي منها ألف طن، تقول مصادر مؤسسة الكهرباء.
وفي حال إتمام وزارة الطاقة صفقتها مع مؤسسة البترول الكويتية، وبقيت التغذية على حالها، ستؤمن هذه الباخرة من «الغاز أويل» تشغيل معملي الزهراني ودير عمار لمدّة 50 يوماً إضافية، وهو ما يتطابق بشكل تام مع البواخر التي كان يؤمنها العقد مع الدولة العراقية للبنان، إنّما تكلفة صفقة الصدّي أعلى، ومخالفة لقانون الشراء العام بسبب إصراره على اعتماد العقود الرضائية بدلاً من المناقصات العامة.
رغم أنّ قانون الشراء العام، في المادة 46 منه، يؤكّد أنّ اعتماد العقد الرضائي يجوز عند «عدم توافر موضوع الشراء إلا عند مورّد واحد، أو في حالات الطوارئ، أو عند شراء لوازم توجب المحافظة على طابعها السري»، وهذه الشروط لا تنطبق على عقد شراء الوقود اللازم لتشغيل المعامل الحرارية.
أما في القرار الحكومي، فتقرّر دفع ثمن 66 ألف طن من مادة «الغاز أويل» من حساب مؤسسة كهرباء لبنان بالدولار المفتوح لدى مصرف لبنان. لذا، سيفتح اعتماد مستندي معزز عند وصول الشحنة، مع إمكانية تأجيل الدفع لمدّة 90 يوماً، على أنّ الفائدة السنوية ستكون 5% سنوياً. كما ستعتمد جعالة قدرها 10.5 دولارات للبرميل الواحد من الوقود.
عملياً، هذا يعني أن كل الترويج الذي ساقته القوات اللبنانية لـ «السوبر وزير» القادر على تأمين الكهرباء 24/7، انتهى الأمر إلى أن هذا السوبر وزير، اكتشف بأن إنتاج الطاقة له ثمن، إذ إنه مقابل كلّ كيلوواط ساعة من الطاقة تنتجه مؤسسة كهرباء لبنان، عليها دفع مبالغ بالعملات الصعبة ثمناً للوقود اللازم لتشغيل المعامل الحرارية.
وبدلاً من الاستمرار في العمل بالعقد الموقع مع الدولة العراقية، والذي كان يؤمن استمرارية تشغيل المعامل في حدّها الأدنى من الإنتاج على الأقل، فضّل صدّي اللجوء إلى تسوّل الوقود، وضرب مبدأ المناقصة العمومية بالاعتماد على العقود الرضائية لشراء كميات من الوقود، هي بالأصل غير كافية لتأمين ديمومة إنتاج الكهرباء لمدّة تزيد على الشهر ونصف الشهر.
شروط العقد الرضائي غير منطبقة
تحدّد المادة 46 شروط الاتفاق الرضائي، وفق روف استثنائية، من أبرزها «عدم توافر موضوع الشراء إلّا عند مورِّد أو مقاول واحد، أو عندما تكون لـمورّد أو مقاول حقوق ملكية فكرية في ما يَخصّ موضوع الشراء، ويتعذّر اعتماد خيار أو بديل آخر»، أيضاً يتم ذلك في حالات «الطوارئ والإغاثة»، أو عند حاجة الجهة الشارية إلى التعاقد مع الملتزم الأساسي عند توافر مجموعة من الشروط مثل «حصول الحاجة أثناء تنفيذ العقد»، أو «توافر حالة العجلة القصوى»، أو ما يتعلق بـ«توحيد المواصفات والتوافق والتماثل مع السلع والمعدات..».
أيضاً يمكن حصول العقد الرضائي «عند شراء لوازم أو خدمات أو عند تنفيذ أشغال توجب المحافظة على طابعها السري من أجل مقتضيات الأمن أو الدفاع الوطني»، أو «عند التعاقد مع أشخاص القانون العام كالمؤسسات العامة والبلديات أو المنظمات الدوليّة»، أو «عند التعاقد مع المستشفيات والمراكز الطبية والمختبرات».
كل هذه الحالات لا تنطبق على عقد الفيول مع مؤسسة البترول الكويتية.
فؤاد بزي - الاخبار