خوري: شرطان أساسيّان لعودة القروض المصرفيّة -- Oct 06 , 2025 7
يكثر الحديث عن عودة حذرة للقروض المصرفية، بعد سنوات من التوقف بسبب الانهيار الاقتصادي في عام 2019، حيث تشير المعلومات عن بدء بعض المصارف التي يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة بمنح قروض صغيرة لتمويل شراء السيارات والأدوات المنزلية باستخدام ودائع نقدية جديدة ("فريش").
هذه الخطوة المحدودة تأتي وسط مخاوف بشأن استعادة الثقة بالقطاع المصرفي، وضرورة الإصلاحات اللازمة لتأهيل القطاع وإنقاذ الاقتصاد.
لا شك أن عودة القروض المصرفية تؤدي إلى تفعيل العجلة الاقتصادية من حيث تنشيط قطاعات اقتصادية صغيرة مثل شراء السيارات والأدوات المنزلية، مما يساهم في إعادة دوران الاقتصاد، أما إذا منحت القروض المصرفية إلى الشركات ولو بمبالغ غير كبيرة فهذا يؤدي إلى تنشيط عمل هذه الشركات وتنشيط الحركة الإقتصادية والمعيشية، وهذا بدوره ينعكس على مابية الدولة بسبب الأموال التي تُضخ في الإقتصاد.
وإن كانت عودة المصارف إلى الإقراض وسط استمرار الأزمة تثير مخاوف بشأن مصداقيتها وضرورة الإصلاحات الشاملة للقطاع المصرفي، فتظل مشكلة استعادة ودائع المودعين التي تم احتجازها بسبب الانهيار المالي قائمة، مما يثير تساؤلات حول عدالة توزيع العبء المالي، ولذلك يرى الخبراء أن عودة القروض يجب أن تترافق مع إعادة هيكلة شاملة للقطاع المصرفي وزيادة رسملة المصارف لاستعادة الثقة في النظام المصرفي والاقتصاد ككل.
هذا ونُقل عن حاكم مصرف لبنان كريم سعيد توقعه عودة التسليفات بشكل أكبر في السنة المقبلة، مرتكزاً في ذلك على الأرجح على احتمال كبير في إنجاز مشروع قانون الفجوة المالية، الذي سيتيح في حال إقراره قبل نهاية العام إطلاق مسار إعادة هيكلة القطاع المصرفي وفق القانون الذي أقر لهذه الغاية.
إلا أن وزير الإقتصاد السابق رائد خوري يرى أن هناك شرطين أساسيين لعودة القروض إلى سابق عهدها، ولفت في حديث لـ"الديار" إلى أن عودة إعطاء القروض الشخصية يعود الى المصرف وسياسته خصوصا قدرته على التمويل، لان التعميم من المصرف المركزي يمنع ان يأتي تمويل القروض من الحسابات الفريش للودائع الجديدة، وبالتالي ممنوع على المصرف ان يقوم بإدانة تلك الحسابات، التي يجب ان تكون خالية من الرهن والقيود، لافتاً إلى أنه عادةً المصارف تمول القروض من الودائع واليوم هناك قلة في الودائع، التي كانت تبلغ حوالى 130 مليار قبل الازمة، اما اليوم فهي تبلغ 2-3 مليار في كل القطاع المصرفي.
وإذ كشف خوري عن أن بعض المصارف تقوم بتأمين القروض من خلال الاموال الفريش القديمة منذ ما قبل الازمة، قال: مصرف لبنان أصدر تعميماً منذ حوالي أربع سنوات فرض على كل مصرف أن يكون 3% من ودائعه باللولار فريش وهذه الأموال ممنوع أن تقوم المصارف بإدانتها،"اما المصارف التي تقوم بالادانة، فهي التي تملك اكثر من 3% من اللولار، والتي هي نتيجة الفريش القديم".
كما كشف أن المصارف الكبرى التي تمتلك فروعا خارج لبنان، تقوم بالادانة من خارج البلد،
موضحاً أن المصارف المقرضة قليلة جدا لا تتعدى خمسة مصارف من أصل 30 مصرفا وبطريقة محدودة، "منها من يعطي قروضا شخصية او قروضا لشراء السيارات او قروضا للمؤسسات والشركات".
ورداً على سؤال حول قيمة الفائدة قال خوري: الفائدة تختلف من مصرف لآخر، فاذا كان مصدر التمويل من الفرع الخارجي تكون الفائدة منخفضة، اي حوالى 8%. اما اذا اتى التمويل من داخل لبنان، فالفائدة تتراوح ما بين 10-11%.
ورداً على سؤال آخر حول إمكانية عودة القروض بشكل أوسع توقع خوري أنه في حال الغى مصرف لبنان تعميمه حول منع إعطاء القروض من الودائع ، قد تعود المصارف للاقراض كما في السابق، بشرط ايداع الناس اموالا بشكل اكبر في المصارف لتستخدمها في عملية الاقراض.
وحول ضمانات المصارف لإعطاء القروض وردها بذات العملة التي أعطيت بها في ظل عدم وجود قانون يُحتِم ذلك قال خوري : تحاول المصارف إبرام عقود واضحة ومكتملة لضمان تسديد المقترض لقرضه بنفس العملة الذي استلم قرضه على اساسها، مع تعريف ما هو الفريش.
ووفقاً لخوري عملية القروض هي حلقة متكاملة لتحسين الاقتصاد اللبناني من خلال المصارف التي تُعد عمود الاقتصاد، ويجب ان تترافق مع عودة الثقة بالمصارف اللبنانية من خلال وضع الناس أموالهم فيها، بعدها تقوم المصارف بإعطاء القروض، الامر الذي يساهم في نمو الاقتصاد، وإعادة الدورة الإقتصادية.
وأعرب خوري رداً على سؤال عن تفاؤله بتعافي القطاع المصرفي مع الوقت، والخطوة الاولى تبدأ من خلال وضع الدولة للقوانين مثل قانون الفجوة المالية الذي يحدد مصير الودائع ومصير المصارف. الى جانب الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي والعلاقات بين لبنان والدول العربية واستقطاب المغتربين والمستثمرين مؤكداً أنه في غياب هذا القانون سنبقى في مكاننا، لافتاً أن قانون الفجوة المالية لايزال في طور التصور وهو بحاجة الى عدة مراحل لإقراره يبدأ في مصرف لبنان ثم وزارة الماليه وبعدها مجلس الوزراء الذي يُحوله في آخر مرحلة إلى مجلس النواب، "مع العلم أن إقراره مرتبط بالسياسة"، مشيراً أن كلاً من المصارف ومصرف لبنان والدولة اللبنانية وضعوا للتفاوض مستشارا ماليا دوليا الذين هم في تواصل مع بعضهم بتوجيه من مصرف لبنان والدولة، مؤكداً أن السرعة في إقرار القوانين مرتبط بالسياسة.
أميمة شمس الدين - الديار