جنون الذهب... هل يبلغ 30 ألف دولار للأونصة؟

جنون الذهب... هل يبلغ 30 ألف دولار للأونصة؟ -- Oct 08 , 2025 10

تجاوز سعر الذهب هذا العام كل التوقعات وكسر كل الأرقام، ولم يكتف بما بلغه حتى اليوم إذ يبدو جليّاً أن المعدن الاصفر دخل مرحلة صعود طويلة الأمد مدعومة بتراجع الثقة بالدولار والخلل بالاقتصاد العالمي وعوامل أخرى لا يُستهان بها تصب جميعها في خانة ارتفاع أسعار الذهب. فما الذي يحصل في سوق الذهب عالمياً؟ وأين يتّجه سعر الأونصة (الأوقية)؟ والسؤال الأكبر هل يمكن للعوامل الدافعة لأسعار الذهب إلى الارتفاع أن تستمر خلال السنوات المقبلة؟


التوقعات العالمية

من يراقب مسار الذهب في السنوات الأخيرة يستخلص صورة واضحة جداً تشير إلى أن الاتجاه الصعودي القوي للذهب مستمر في المديين القريب والمتوسط، مدعومة بعوامل اقتصادية وجيوسياسية معقّدة ومتشابكة وليست وليدة اللحظة إنما نتيجة تراكم سنوات من الديون والأزمات.

تلتقي بنوك كبرى مثل HSBC، UBS، وغولدمان ساكس بتوقعاتها بأن أسعار الذهب مرشحة لتجاوز مستويات تاريخية، بين 4000 و4900 دولار للأونصة حتى عام 2026.

وتتوقع البنوك العالمية استمرار زخم الذهب إلى ما بعد العام 2026، ما يعني أن الذهب لم يبلغ ذروته بعد والمسار الصعودي مستمر أقله في المدى المتوسط. لكن في مقابل توقعات البنوك الكبرى ثمة توقعات صادمة يقودها كبار المستثمرين في العالم بينهم المستثمر فرانك هولمز الذي توقّع، بحسب ما نقل عنه موقع ماركت ووتشMarketWatch أن يبلغ سعر أونصة الذهب 7000 آلاف دولار في المدى المنظور. وليس بعيداً من توقعات هولمز، فإن رجل الاعمال العربي نجيب ساويرس يتوقع وصول المعدن الأصفر إلى مستوى 5000 دولار خلال عام واحد أو عامين.

أما روبرت كيوساكى وهو من كبار المستثمرين وخبراء المال في العالم ومؤلف الكتاب الشهير "الأب الغني الأب الفقير"، فيتوقع وصول الذهب إلى 30 الف دولار بحسب ما نقلت عنه CNN الاقتصادية. من هنا ينصح المستثمرون بشراء الذهب في الوقت الحالي على الرغم من ارتفاع أسعاره.


ولا تقتصر التوقعات الصادمة على من سبق ذكرهم، فثمة العديد من المستثمرين الدوليين والمصارف العالمية يتوقعون وصول سعر الذهب إلى 10 آلاف دولار في السنوات القليلة المقبلة لاسيما في حال استمرار تراجع قوة الدولار الأميركي كعملة احتياطية عالمية.

وعلى الرغم من تباين التوقعات بين 4 و30 ألف دولار، فإن السيناريو الواقعي الأكثر ترجيحاً بحسب البنوك الاستثمارية الكبرى هو تداول الذهب بين 4000 و5000 دولار للأونصة بحلول عام 2026 أي خلال الأشهر القليلة المقبلة، مع إمكان تسجيل قفزات أعلى في حال تفاقم أزمة الديون وتراجع الثقة بالدولار.

مسار الذهب

وأكثر ما يشير إلى دخول المعدن الأصفر مرحلة من "الجنون"، ارتفاع سعر الأونصة بنسبة 51 في المئة منذ بداية العام 2025 وهو مستوى تاريخي، وسط اتجاه لتسجيل أفضل أداء سنوي منذ العام 1979.

ارتفاع الذهب هذا العام أعقب سلسلة ارتفاعات العام 2024 بلغت 24 في المئة مدعوماً من شراء البنوك المركزية وزيادة الطلب على الذهب وتراجع الدولار وتنامي اهتمام المستثمرين الأفراد بالتحوط في ظل التوترات التجارية والجيوسياسية والأزمات والحروب المتنقلة.

وإذا ما عدنا إلى السنوات العشر الأخيرة فقد تضاعف سعر الذهب أكثر من 3 مرات. ففي العام 2015 بلغ سعر أونصة الذهب 1150 دولاراً أما اليوم فتجاوزت 3900 دولاراً أي بزيادة تجاوزت نسبتها 300 في المئة.


وإن صدقت التوقّعات، وهو أمر مرجّح، فإن الذهب سيختتم العام 2025 بكسر سقف 4000 دولار للأونصة وهو مستوى فاق كل التوقعات التي بنيت منذ بداية العام والتي تراوحت حينها بين 3200 و3500 دولار للأونصة.

الأسباب الدافعة إلى الجنون

كثيرة هي الأسباب والعوامل الدافعة للمعدن الأصفر نحو الجنون، ولعل غالبيتها عوامل بات متعارف عليها دولياً، لكن بعض تلك العوامل لا يُستهان بمخاطرها لاسيما منها ما يتعلّق باقتصاد الولايات المتحدة الأميركية ومخاطر تعاظم ديونها.

تشمل العوامل الأساسية عودة مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة، وضعف الدولار الأميركي، والعجز المالي في الاقتصادات الرئيسية مثل الولايات المتحدة وفرنسا. هذه العوامل من غير المرجح بحسب مؤسسات دولية، أن يتم حلها قريباً، ما يجعل من المعدن النفيس أصولاً اكثر أماناً من أي عملات أو أسهم.

ولا يُستهان بعامل ارتفاع الديون العالمية. ففي العام 2025، من المتوقع أن تبلغ ديون الولايات المتحدة الأميركية أعلى مستوياها على الإطلاق. وعليه يرى محللون دوليون وبنوك عالمية أن الاقتصاد الأميركي بات في طريقه نحو الركود نتيجة قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التجارية، وهو ما سيجبر مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة أكثر من مرة في الفترة المقبلة.

ويرى محلّلون أن الدافع الأبرز لجنون الذهب، أن ديون الولايات المتحدة باتت خارجة عن السيطرة وقد وصلت ديونها الى 37.5 تريليون دولار أي ما يعادل 124 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، اضافة الى غرق العالم بالديون وبلوغ ديون الحكومات بالعالم 324 تريليون دولار أي أكثر من ضعفي الناتج العالمي الإجمالي.


ولا نتجاهل أهمية عامل تسابق الحكومات والمصارف المركزية على شراء للذهب، ففي شهر آب فقط أضافت البنوك المركزية حول العالم 15 طناً من الذهب إلى احتياطاتها وهو الشهر السابع والعشرين الذي يشهد زيادة بالاحتياطات.

وما فاقم واقع الاقتصاد الأميركي أكثر مسألة الإغلاق الحكومي، الذي دخل أسبوعه الثاني، وسط غياب أي مؤشرات على التوصل إلى اتفاق بين ترامب والجمهوريين من جهة، والديمقراطيين من جهة أخرى، لإنهاء الأزمة السياسية التي شلّت عمل الحكومة الفيدرالية وساهمت بشكل أو بآخر في ضعف الدولار.

في المحصّلة، عندما نتحدث عن تهديد للدولار وتفاقم للديون ومخاطر اقتصادية عالمية، فإن الانظار تتجه تلقائياً إلى الذهب. وما دامت الأزمات سابقة الذكر غير منظورة الأفق فإن أسعار الذهب ستبقى في تصاعد مستمر، فيما يبقى المعدن الأصفر متربّعاً على عرش الملاذات الآمنة.

عزة الحاج حسن - المدن

أقرأ أيضاَ

أسباب صعود المعادن... ولماذا تفوقت الفضة على الذهب؟

أقرأ أيضاَ

سعر أونصة الذهب يتخطى 4 آلاف دولار لأول مرة في تاريخه