من ملاذ مؤقت إلى أصل استراتيجي… الذهب يدخل مرحلة جديدة

من ملاذ مؤقت إلى أصل استراتيجي… الذهب يدخل مرحلة جديدة -- Dec 19 , 2025 140

سجّل الذهب في عام 2025 واحدة من أقوى موجات الصعود في تاريخه الحديث، محققًا أكبر زيادة منذ أزمة النفط عام 1979. وخلال أقل من عامين، تضاعفت أسعاره لتبلغ ذروة قياسية عند 4381 دولارًا للأونصة في تشرين الأول، نتيجة تداخل التوترات الجيوسياسية مع التحولات النقدية العالمية وتغيّر سلوك المستثمرين.

ولا يتعامل محللون مع هذا الارتفاع على أنه نهاية المسار، بل يرونه محطة انتقالية نحو إعادة تسعير الذهب كأصل استراتيجي طويل الأجل، وليس مجرد ملاذ آمن مؤقت، وفق مجلة Modern Diplomacy.

يرتكز هذا الاتجاه على استمرار البنوك المركزية، للعام الخامس تواليًا، في تعزيز احتياطياتها من الذهب على حساب الدولار، ما وفّر أرضية سعرية صلبة تمتد إلى عامي 2025 و2026. وتشير تقديرات بنوك استثمارية إلى أن الطلب الفعلي يتجاوز بكثير المستويات اللازمة للحفاظ على الأسعار الحالية، فيما تعتمد البنوك المركزية سياسة الشراء عند التراجعات، ما يحدّ من التصحيحات الحادة.

ويعكس هذا السلوك تحوّلًا في إدارة الاحتياطيات العالمية، مدفوعًا بتفاقم العجز المالي الأميركي، وتراجع الثقة بالعملات الورقية، وتقلب النظام المالي الدولي.

بالتوازي، أعاد المستثمرون تموضعهم داخل محافظهم، إذ ارتفعت حصة الذهب من 1.5% قبل عام 2022 إلى نحو 2.8% في 2025. وتتوقع مؤسسات كبرى، بينها مورغان ستانلي وجيه بي مورغان، استمرار الارتفاع وصولًا إلى مستويات أعلى خلال 2026.

وفي تطور لافت، تزامن صعود الذهب مع ارتفاع الأسهم، ما دفع بنك التسويات الدولية إلى التحذير من اختلالات محتملة، دون أن يُضعف ذلك جاذبية الذهب، بل عزّز موقعه كأصل هيكلي لإدارة المخاطر طويلة الأجل.

على مستوى المعروض، بقيت الاستجابة محدودة رغم الأسعار المرتفعة، في حين يُتوقع أن يرتفع الطلب العالمي خلال 2025 قبل أن يتراجع نسبيًا في 2026 من دون تغيير الاتجاه العام. ورغم تراجع الطلب على المجوهرات، عوّض ارتفاع الطلب على السبائك والعملات هذا الانخفاض، خصوصًا في
أوروبا وأستراليا.

كما دخلت السوق أطراف جديدة، من شركات أصول رقمية إلى صناديق تقاعد وتأمين، لا سيما في آسيا، ما يفتح قنوات طلب طويلة الأمد.

ورغم احتمالات التصحيح المرحلي، يرى محللون أن العوامل البنيوية الداعمة للذهب لا تزال قائمة، مرجّحين استمرار الاتجاه الصعودي مع إمكانية اقتراب الأسعار من مستوى 5000 دولار للأونصة، في ظل عالم يتزايد فيه عدم اليقين وتتآكل فيه الثقة النقدية والمالية.

أقرأ أيضاَ

الين يتراجع بعد قرار المركزي الياباني برفع الفائدة

أقرأ أيضاَ

انخفاض أسعار النفط للأسبوع الثاني على التوالي