"تفوق الذهب".. ما الذي يعنيه للمستثمرين؟

"تفوق الذهب".. ما الذي يعنيه للمستثمرين؟ -- Mar 25 , 2025 30

يواصل الذهب تحطيم المستويات القياسية، محققاً تفوقاً ملحوظاً على فئات الأصول الأخرى، ما يثير تساؤلات حول مستقبل هذا المعدن النفيس في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية.


مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وتنامي المخاوف من تباطؤ النمو، يجد المستثمرون في الذهب ملاذاً آمناً تقليدياً يقيهم من التقلبات العنيفة للأسواق المالية، مدفوعًا بسياسات نقدية متغيرة واتجاهات متباينة في شهية المخاطرة.. لكن، إلى أي مدى سيستمر هذا الصعود؟ وما العوامل التي قد تدفع الذهب إلى مستويات جديدة أو تكبح اندفاعه؟

فيما يُنظر إلى الذهب تقليدياً باعتباره وسيلة للتحوط خلال أوقات عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، فقد نقل موقع لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية، عن كبير محللي السوق في مجموعة إكسينيتي، هان تان، قوله:

"إن الإعلان عن الرسوم الجمركية الأسوأ من المتوقع في الثاني من أبريل المقبل قد يعطي دفعة قوية للمستثمرين في الذهب نحو السعي إلى مستوى 3100 دولار.
إذا عادت معنويات المخاطرة إلى الارتفاع، بافتراض أن تهديدات الرسوم الجمركية الأميركية أثبتت أنها "مجرد نباح أكثر من عض"، فقد نشهد انخفاضات عابرة للأونصة إلى ما دون 3000 دولار.

وبعد أن أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة القياسية ثابتة الأسبوع الماضي وأشار إلى خفضين بواقع ربع نقطة مئوية هذا العام، ستتطلع الأسواق إلى إصدار مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة الجمعة، وهو مقياس التضخم المفضل لدى البنك المركزي.


وعادة ما يزدهر الذهب في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة، ووصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3057.21 دولار للأونصة الأسبوع الماضي، بزيادة أكثر من 15 بالمئة هذا العام. وقال نورمان إنه من المتوقع أن يصل الذهب إلى مستوى 3150 دولارا في الأمد القريب.

محلل السوق لدى ماركت بالس التابعة لشركة أواندا، زين فاودا، يقول: "في ظل عدم وجود حل واضح لهذه الشكوك، من المتوقع أن يظل الطلب (على الذهب) مرتفعا في الأمد القريب".

تفوق الذهب
من جانبه، يقول الشريك المؤسس لأكاديمية ماركت تريدر لدراسات أسواق المال، عمرو زكريا عبده، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

تفوق الذهب منذ العام 2022 كان مدفوعاً بمزيج من التحوط ضد التضخم، والمخاطر الجيوسياسية، وعدم اليقين بشأن سياسة الاحتياطي الفيدرالي، والأزمات المصرفية، والطلب القوي من البنوك المركزية.
بينما عانت الأسهم، وخاصة قطاعات التكنولوجيا والنمو، من ارتفاع أسعار الفائدة ومخاوف الركود خاصة الناتجة من المخاوف بشأن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وعدد من شركائها التجاريين.

 

بالنظر إلى المستقبل، إذا خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، فقد يستمر الذهب في التفوق، خاصة إذا واجهت أسواق الأسهم تقلبات متجددة.
مستويات قياسية متكررة
بدوره، يؤكد الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات، طارق الرفاعي، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أنه"

منذ بداية العام 2024 لاحظنا تداولاً مستقراً للذهب فوق مستويات 2000 دولار للأونصة، وهو أمر غير مسبوق مقارنة بالسنوات السابقة.
منذ أزمة كورونا، شهدنا وصول الذهب إلى مستويات قياسية، لكنه سرعان ما تراجع، وحدث الأمر ذاته في مطلع العام 2023 عندما تجاوز الذهب حاجز الألفي دولار قبل أن يعاود الانخفاض.
لكن في 2024، يختلف الوضع كلياً، حيث استمر الذهب في التداول فوق هذا المستوى المرتفع طوال العام مخترقاً مستويات قياسية جديدة وهو ما يعكس تغيراً جوهرياً في نظرة المستثمرين تجاه الذهب كأصل استثماري.. (حتى اختراق مستوى 3 آلاف دولار في 2025).
هذا التوجه بدأ مع أزمة كورونا، وتفاقم مع الارتفاعات القياسية في معدلات التضخم عالمياً، حيث أصبح واضحاً أن المستثمرين يتجهون نحو الذهب كوسيلة للتحوط من المخاطر المالية وتقلبات الأسواق، بالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بأداء الأصول الأخرى.

 

ويشير إلى إقبال البنوك المركزية والمؤسسات المالية الكبرى على اقتناء الذهب ضمن العوامل الرئيسية التي أسهمت في ارتفاع أسعار الذهب لتلك المستويات القياسية، مشيراً إلى أن ذلك يعزز من مكانة الذهب كأحد الأصول الأساسية في محافظهم الاستثمارية.

الذهب و"وول ستريت"
يشير تقرير لـ "ماركت ووتش" إلى أن الأسهم الأميركية شهدت أداءً مخيباً للآمال حتى الآن هذا العام، في حين ارتفعت أسعار الذهب إلى مستويات قياسية جديدة فوق 3000 دولار للأونصة، لكن الفارق في الأداء بين هاتين الفئتين من الأصول يشير إلى تغير في الأشهر المقبلة.

ويلفت إلى تقرير لكبير محللي الأبحاث في SentimenTrader، دين كريستيانز، يشير فيه إلى أن ذلك الأداء "المخيب" لـ "وول ستريت" في مقابل الذهب، يأتي في فترة اتسمت باضطرابات سوق الأسهم وزيادة الطلب على الأصول الآمنة.

مع انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وارتفاع عقود الذهب الآجلة، اتسع فارق أسعار الفائدة على مدى ثلاثة أشهر بين فئتي الأصول "اللتين عادةً ما تكونان غير مرتبطتين" ليصل إلى "أكبر فجوة له منذ أكثر من عامين".
 

إن تحليل فئتي الأصول يمكن أن يساعد في تحديد ما إذا كان التراجع الحالي في الأسهم "تصحيحاً روتينياً داخل سوق صاعدة أو بداية لتحول أكثر أهمية نحو سوق هبوطية".
مثل هذه الاختلافات، تاريخياً، تعكس "تشاؤماً متزايداً بين المتداولين، وغالباً ما تشير إلى عملية الوصول إلى القاع وارتفاع لاحق في الأسهم خلال الأشهر القليلة المقبلة".
وقال إن الذهب، بعد تغير في الفارق بنسبة 24 بالمئة مقارنة بالأسهم، من المرجح أن يواجه ضغوطا خلال الأشهر القليلة الأولى، مما يشير إلى أن المتداولين "أقل ميلا للحفاظ على مراكزهم في الأصول الآمنة مثل الذهب".
وقال إنه في حالة انتعاش الأسهم، فإن الذهب، وهو أحد الأصول الآمنة، قد "يواجه ضغوطا على المدى القريب ويتماسك ضمن اتجاهه الصعودي على المدى الطويل".
ملاذ آمن
بدورها، تؤكد خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن:

الذهب أظهر تفوقاً كبيراً جداً على الأسهم خلال الفترات الماضية.
هذا المعدن النفيس يُعد ملاذاً آمناً منذ القدم، ويستخدمه المتعاملون كمخزن للقيمة ووسيلة لحماية مدخراتهم من مخاطر متعددة، أبرزها خطر التضخم.

 

الأسواق (المالية) شهدت تصحيحات قوية جداً في الأسهم خلال الأزمات الجيوسياسية والحروب والأوبئة، بينما ظل الذهب في اتجاه صاعد بفضل مكانته كأداة استثمارية موثوقة، سواء على مستوى الأفراد أو الدول.
وفي سياق متصل، تشير إلى أن المحفظة الاستثمارية الواعدة يجب أن تتسم بالتنوع، ويظل الذهب هو العنصر الأبرز فيها، لافتة إلى أن العديد من الدول تعتمد عليه كاحتياطي آمن للنقد لحمايته من التآكل بفعل التضخم.

وتحذّر خبيرة أسواق المال في الوقت نفسه من تقلبات سوق الأسهم التي قد تؤدي إلى خسائر للمستثمرين، في حين يوفّر الذهب استقراراً نسبياً ويمنح شعوراً بالأمان، لا سيما في أوقات الأزمات، مضيفة أن توجه رجال أعمال بارزين، مثل نجيب ساويرس، نحو الاستثمار في الذهب يترك أثراً كبيراً في قرارات المتعاملين بالسوق، خاصة وأن نجاحه الاستثماري بات واضحاً.

وكان الملياردير المصري نجيب ساويرس، قد توقع في حوار خاص ضمن برنامج بزنس مع لبنى على سكاي نيوز عربية، أن تصل أسعار الذهب إلى 5000 دولار للأونصة في المستقبل القريب، معتبراً أن المعدن النفيس سيظل ملاذاً آمناً للمستثمرين، خاصة في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية


وأشار إلى أن:

تكلفة إنتاج الأونصة لا تتجاوز 30 دولاراً، مما يجعل الاستثمار في الذهب من أكثر الاستثمارات أماناً وربحية على المدى الطويل.
التوترات الدولية، مثل الحرب في أوكرانيا والتوترات في الشرق الأوسط، دفعت العديد من المستثمرين إلى الابتعاد عن الأسهم والسندات واللجوء إلى الذهب كملاذ آمن.
وبالعودة لحديث رمسيس، فإنه تلفت إلى أن ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية خلال الأعوام الأخيرة يعزز من فرص استمراره في الصعود، موضحة أن العائق الأساسي أمام ارتفاعه يتمثل في توجه بعض البنوك المركزية لبيع احتياطياتها من الذهب لتسوية مراكز مالية معينة، كما حدث في وقت سابق عندما باع البنك المركزي السويسري كميات كبيرة، ما أدى إلى تراجع قوي في الأسعار آنذاك.

دلالات مهمة
بدوره، يوضح خبير أسواق المال، حسام غاويش، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن التفوق غير المسبوق للذهب على الأسهم منذ 2022، وخاصة بعد الحرب في أوكرانيا، له عدة دلالات مهمة للمستثمرين.

يعد الذهب تقليدياً ملاذاً آمناً للمستثمرين في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والسياسي.
 

الحرب في أوكرانيا أحدثت تقلبات كبيرة في الأسواق المالية وأثرت على الاقتصادات العالمية، مما دفع الكثير من المستثمرين إلى اللجوء للذهب كأداة تحوط ضد التضخم وعدم استقرار الأسواق.
تفوق الذهب على الأسهم قد يشير إلى مخاوف من الركود الاقتصادي أو التضخم المرتفع. عندما يتوقع المستثمرون تدهور الأوضاع الاقتصادية أو زيادات في معدلات التضخم، يلجؤون عادة إلى الذهب، الذي يحتفظ بقيمته على المدى الطويل، بينما الأسهم قد تكون عرضة للتقلبات السلبية.
إذا استمر الذهب في التفوق على الأسهم، فقد يعكس ضعف الثقة في الأسواق المالية التقليدية مثل الأسهم والسندات، مما يعني أن المستثمرين يتجهون نحو أصول أكثر استقرارا مثل الذهب لتقليل المخاطر.
مع الأداء القوي للذهب، قد يكون من الحكمة للمستثمرين أن يعيدوا تقييم محفظاتهم الاستثمارية ويضمنوا تنويعا أكبر. الذهب يمكن أن يكون أداة فعالة للتحوط ضد التقلبات في أسواق الأسهم والعملات.

سكاي نيوز

أقرأ أيضاَ

رد موحد من الصين واليابان وكوريا الجنوبية على الرسوم الجمركية الأميركية

أقرأ أيضاَ

المعالجة الشاملة للسوق العقارية في الرياض