رئيس وزراء الهند لـ "عرب نيوز" : مجلس الشراكة الاستراتيجية نقطة التحول مع السعودية

رئيس وزراء الهند لـ "عرب نيوز" : مجلس الشراكة الاستراتيجية نقطة التحول مع السعودية -- Apr 22 , 2025 4

أكد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، أن مجلس الشراكة الاستراتيجية الذي تأسس في 2019 بين الهند والسعودية، مثل نقطة تحول في مسار العلاقة بين البلدين.

وأشاد مودي في مقابلة مع "عرب نيوز" اليوم الثلاثاء بعد وصوله إلى جدة في زيارة تستغرق يومين بدعوة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بالإمكانات اللامحدودة لعلاقات نيودلهي المتنامية مع الرياض.

وقال "شراكتنا لديها إمكانات لا حدود لها، وفي عالم مليء بالتغيرات، تظل الروابط بين البلدين قوية، كركيزة للاستقرار"، مشيدا بقيادة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، واصفا إياه بأنه "مدافع قوي عن العلاقات الثنائية" بين نيودلهي والرياض، كما أكد أنه "صاحب رؤية ألهمت العالم، ونالت إعجابه" من خلال الإصلاحات في ظل رؤية 2030.

وفيما يلي نص الحوار كاملا الذي أجرته "عرب نيوز" ..

كيف تقيمون التقدم المحرز من ناحية تعزيز العلاقات الهندية السعودية والتي لا تزال تشهد تحسنا مستمرا، لا سيما منذ إنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجية عام 2019 ؟

أود أن أشكر بداية الأمير محمد بن سلمان على دعوته لي، وأنا سعيد للغاية في زيارتي الثالثة إلى السعودية، ويغمرني فخر كبير بعلاقاتنا مع السعوديّة، إذ إنها أحد أهم شركاء الهند لكونها دولة بحرية مجاورة وصديق يمكن الوثوق به وحليف استراتيجي.

العلاقة بين الهند والسعودية ليست بجديدة، فهي متجذرة بالتبادل الحضاري الذي شهدناه على مدى قرون بين الدولتين. ولقد تبلورت المشاريع لتصبح ملموسةً على الصعيد التجاري، وأصبحنا نجد عمليّات تبادل مستمرّة ين الدولتين العظيمتين، ومنذ 2014، أخذت العلاقات بين الدولتين مسارا تصاعديا. أذكر جيدا اللحظة المُشرّفة التي قدّم لي فيها جلالة الملك سلمان وسام الملك عبد العزيز في 2016.

شكل إنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجية في 2019 محطةً بارزةً في العلاقات بين الدولتين، حيث توسّعت آفاق التعاون بيننا في العديد من المجالات منذ إنشائه. وما هذه إلّا البداية لشراكة بإمكانات لامحدودة.

يرسّخ كلّ من الثقة وحسن النيّة التي نبديها لبعضنا البعض العلاقة بين الدولتين، ممّا يجعلها صامدةً ومستقرّةً في وجه عالم يتلبّد بالشكّ وانعدام الثقة. أتأمّل خيرًا بهذه الفترة من العلاقات الإيجابيّة بين السعوديّة والهند، وأعترف أنّه كان للقيادة السعودية الرشيدة دورًا حيويًّا في تعزيز هذه الشراكة.

ستعل الهند إلى جانب المملكة العربيّة السعودية من أجل إرساء أسس السلام والتقدّم والازدهار لصالح شعبينا والعالم بأسره.

كيف تصفون العلاقة الشخصية بين قادة الدولتين، خاصة وأنكم عقدتم بالفعل 7 اجتماعات مع ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان؟ هل أثرت هذه العلاقة الشخصية بأي شكل على العلاقات الثنائية بين البلدين؟

كان سمو الأمير يترك في انطباعا عميقا في كل مرة كنت أقابله فيها، ودائمًا ما كنت أنبهر برؤيته الثاقبة وتفكيره الاستشرافي وشغفه بتحقيق تطلعات شعبه.

لقد شهدت السعودية تحولا نوعيا على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي في عهد سمو الأمير الذي أخذ على عاتقه القيام بإصلاحات تخطّت توقعات المنطقة لتسحر العالم بأسره. لقد شهدنا بالفعل على التغيرات التحويلية التي طبّقها سمو الأمير في البلاد وفقا لأهداف رؤية 2030 وبفترة وجيزة.

أشعر بالامتنان لهذه العلاقة من الثقة والدفء الشخصي بين الدولتين. وردًّا على سؤالك، لقد انعكست العلاقة الشخصية بين قادة الدولتين على الأولوية التي يوليها كلّ منهما للشراكة التي تجمعنا.

لقد ناصر الأمير العلاقات الثنائيّة بكلّ اعتزاز، وقدّم دعمًا كبيرًا للجالية الهنديّة في المملكة العربيّة السعودية حتى وإنّ الشعب الهندي المقيم في المملكة مُعجب به للغاية.

دائمًا ما نركّز في مُشاوراتنا على جعل هذا الشراكة جاهزةً لما يحمله المستقبل. هناك علاقة خاصّة تربط ما بين جدّة والهند منذ قرون. ففي الواقع، كانت جدّة الشريان الأساسي للتبادل التجاري والتبادلات بين الشعبين. ولطالما سلك حجاجنا طرق جدّة الفرعيّة في رحلتهم المقدّسة لإجراء مناسك الحج والعمرة، اعتبارًا منهم أنّها بوابة لمكة المكرمة.

ما هي المبادرات التي يتمّ النظر في إطلاقها بهدف توسيع آفاق الشراكة الاقتصادية بين الدولتين وتنويعها ليتمكّن كلّ منهما من تعزيز القدرة على مواجهة التحديات المحتملة المرتبطة بالجمارك والحمائية التجارية، علمًا أنّ المملكة هي خامس أكبر شريك تجاري للهند؟

علاقاتنا الاقتصاديّة قديمة، قدم الرياح الموسميّة، يعود سبب هذه الارتباط الطبيعي إلى قرب الدولتين من بعضهما البعض والتكامل الاقتصادي بينهما.

ولذلك، لم تكتفِ علاقاتنا التجارية بالصمود وحسب، بل ما انفكّت تنمو حتّى وسط أصعب التحديات العالمية.

كما وقد أتت الجهود المبذولة لتنويع مصادر التجارة بثمارها، علمًا أنّ الطاقة والزراعة والأسمدة هي القطاعات الرئيسيّة التي تُركّز عليها التبادلات التجاريّة بين البلدين.

يعمل كلّ من الشركات الهنديّة وقطاع الصناعة السعودي على تقوية العلاقات بين الدولتين، ممّا ساهم بإضفاء عنصر المرونة على هذه العلاقة من خلال تعزيز الشراكة الاستثمارية فيما بينهما. وفي حين أنّ المملكة تلعب دور الشريك الرائد في مجال الطاقة بالنسبة للهند، تقوم الأخيرة بالحرص على الأمن الغذائي في المملكة.

فوجئت عندما قيل لي أنّ السعوديين يفضلون طعم الأرز الهندي! بالمثل، الشعب الهندي يحب طعم التمور السعودية، أرى العديد من أوجه التكامل بين رؤية السعودية 2030 ورؤية فيكسيت بهارات (الهند المتقدمة) 2047.

هذا ولا تنفكّ الاستثمارات الثنائية بين الدولتين تتزايد، إذ يوفّر عامل النمو في الهند العديد من الفرص اليوم أمام أهمّ الشركات السعودية للاستثمار فيها والدخول في شراكة في مختلف المجالات، بدءًا من الاقتصاد الفضائي وصولًا إلى سلسلة التوريد العالمية.

كما حافظت الشركات الهنديّة على موقعها وأثبتت وجودها في العديد من القطاعات داخل المملكة، وهي تساهم بشكل ملحوظ في تحقيق رؤية 2030.

تعزيز هذا الارتباط بين الدولتين هو هدفنا الأسمى، وحاليًّا، يعمل البلدان على إبرام معاهدة استثمار ثنائيّة.

ومن ناحية أخرى، تنطوي اتفاقية التجارة الحرّة المُقترحة بين الهند ودول مجلس التعاون الخليجي على إمكانات هائلة من شأنها تحويل العلاقة الاقتصادية بين الهند والمملكة، كما بين الهند والمنطقة بأسرها بشكل عام.

هل ترون فرصةً أمام الشركات الهنديّة للمشاركة في مشاريع المملكة المتوافقة مع أهداف رؤية 2030 والاستفادة منها، مع التركيز على تطوير البنية التحتية، لاسيما معرض الرياض إكسبو 2030 وكأس العالم (فيفا) السعودية 2034؟

تعتزّ الهند بالإنجازات المبهرة التي حققتها صديقتها المقرّبة، المملكة العربية السعودية.

كما وأودّ أن أهنّئ الشعب السعودي وقادته على اختيار المملكة لاستضافة معرض إكسبو الدولي في العام 2030 وكأس العالم (فيفا) في العام 2034.

ولا بدّ لأيّ دولة أن تفتخر باستضافتها لحدثين عالميّين بهذا الثقل في غضون ما لا يزيد عن أربع سنوات.

هذا دليل على حسّ حسن القيادة والرؤية الثاقبة التي يتمتّع بها سموّ ولي العهد.

لا شكّ في أنّ الاقتصاد المحلي سيتعزّز عقب هذه الفعاليات الضخمة، إذ أنّها تضع أمام الشركات الهنديّة فرصًا ضخمة لإثراء أعمالها. فكما تعلمون، عملت شركاتنا جاهدة لبناء سمعتها عالميًّا، تبرز من خلالها جودتها وتنافسيتها وكفاءتها.

لقد علمت أنّ الشركات الهنديّة قد شاركت بالفعل وبشكل ملحوظ في قطاع البنية التحتية والتكنولوجيا في السعودية، كما أنّها تأتي بقيمة مضافة على العديد من المشاريع الضخمة والعملاقة والمُطبّقة كجزء من رؤية السعودية 2030.

وفي المقابل، أدعو جميع الشركات السعودية إلى الاستفادة من الفرص الهائلة المتوفّرة في الهند كجزء من رحلتنا نحو تحقيق رؤية الهند المتقدّمة، وذلك من خلال المشاركة في تحقيق النمو على صعيد قطاع البنية التحتية للجيل القادم والخدمات اللوجستيّة والطاقة المتجدّدة والرعاية الصحيّة والمرافق والابتكار والشركات الناشئة والاقتصاد الأزرق.

ومن المؤكّد أنّ تعزيز أواصر الشراكات ومجالات التعاون الثنائي بين الشركات في الدولتين سيأتي بثماره ويدعم الشراكة الاقتصادية الثنائية بين المملكة والهند.

نظرًا لدور السعودية كمورّد رئيسي للنفط الخام والمنتجات النفطيّة إلى الهند، ما رؤيتكم لمستقبل التعاون بين البلدين في مجال الطاقة، لا سيما في سياق التحوّلات العالميّة في مجال الطاقة؟

لطالما كانت الطاقة ركيزةً أساسيةً لشراكتنا الاقتصاديّة.

وكانت السعودية شريكًا قويًّا وموثوقًا لنا في مجال الطاقة، حيث تُعدّ من أبرز مورّدي النفط الخام والمنتجات النفطيّة الأخرى.

تسعى الهند لأن تُصبح دولةً متقدمة. وبالتالي، ستستمرّ حاجتنا لمصادر الطاقة بالنمو وستبقى السعودية شريكًا وثيقًا لنا فيما يتعلّق بأمن الطاقة في بلادنا.

ونتّفق على أنّ تعاوننا في مجال الطاقة لا يقتصر على البيع والشراء فحسب، إذ إننا شريكان استراتيجيان وندرس إمكانيّة تنفيذ مشاريع مشتركة في مجال مصافي النفط والبتروكيماويات.

كما يشهد العالم أيضًا تحولًا تدريجيًّا نحو مصادر طاقة أنظف وأكثر استدامةً.

وتعمل الهند على تحقيق هدفها الطموح في مجال التحوّل الأخضر، إذ إننا واثقون من قدرتنا على تحقيق هدف توليد 500 جيجاوات من مصادر الطاقة المُتجددة بحلول العام 2030.

ونجد مجالًا واسعًا للتعاون مع السعودية حتّى في هذا السياق، حيث يشمل ذلك مجالات سلاسل التوريد والاقتصاد الدائري وكفاءة الطاقة والهيدروجين الأخضر.

ويمكن للبلدين أن يعملا من أجل التوصّل إلى حلول مبتكرة تُلبّي احتياجات الطاقة المستقبلية، لا سيما وأنهما شريكان في التحالف الدولي للطاقة الشمسيّة.

وقد أطلقنا عام 2023 مبادرة الممرّ الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا خلال انعقاد قمّة مجموعة العشرين في نيودلهي وبحضور صاحب السمو الملكي، كما نعمل حاليًّا على إجراء دراسات جدوى لربط شبكات الكهرباء بين الهند والسعودية والمنطقة ككل.

وكما ترون، فإننا نمضي قدمًا ونعمل على تنفيذ رؤية قائمة على شراكة شاملة بين البلدين في مجال الطاقة.

يشهد التعاون بين السعوديّة والهند في مجال الدفاع نموًا مستمرًا، كما لاحظنا زيادةً في التدريبات المُشتركة. ما الجوانب الرئيسية التي سيتمّ التركيز عليها في السنوات القادمة في سياق التعاون في مجالي الدفاع والأمن؟

إننا ننظر إلى السعودية باعتبارها قوّةً إيجابيةً ومُعزّزةً للاستقرار في المنطقة.

وتتشارك الهند والسعودية مصلحةً طبيعيةً في الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة إذ تُطلّان على أجسام مائيّة مُشتركة.

كما يعكس تنامي التعاون بين البلدين في مجالي الدفاع والأمن ​​ثقةً متبادلةً وعميقة. ويُشكّل ذلك دليلًا على التزامنا المشترك بالاستقرار الإقليمي وعزمنا المشترك على مواجهة التحديات المتنامية في المناطق المجاورة لنا.

وقد شهدنا تقدمًا مطّردًا في مجال التعاون الأمني، حيث يشمل ذلك الجوانب المرتبطة بمكافحة الإرهاب والتطرّف وتمويل الإرهاب والتصدي لتهريب المخدرات. ونعمل أيضًا على استكشاف آفاق جديدة للتعاون في مجال الأمن السيبراني، إدراكًا منّا لأهميّته المتزايدة اليوم في عالمنا المُترابط.

كما حققنا إنجازا مهمّا العام الماضي، حيث نظّمنا أوّل مناورات مُشتركة على الإطلاق بين قوّاتنا البريّة. وأتت هذه المناورات استكمالًا لجولتين ناجحتين من المناورات البحرية المُشتركة أجريتا في عامي 2021 و2023 تحت عنوان "المحيط الهندي".

ويدعم كلا البلدين تعميق التعاون في مجال الصناعات الدفاعية. فقد نمت الصناعات الدفاعية وغرست جذورها على مدى العقد الماضي. وأصبح يوجد اليوم مجمع صناعي عسكري قوي وقادر على تصنيع ذخائر وأسلحة صغيرة ودبابات وناقلات مدرعة ذات جودة عالية. ونقوم أيضًا بتصنيع طائرات مُسيّرة ومروحيّات خفيفة متطوّرة ومقاتلات تستخدمها القوّات الجويّة، كما نمتلك القدرة على بناء زوارق دوريّات وغوّاصات وحتّى حاملات طائرات تستفيد منها القوّات البحريّة.

لا نركّز على تلبية احتياجاتنا فحسب، حيث برزت الهند أيضًا كمورّد مهمّ للمعدات الدفاعية لأكثر من 100 دولة حول العالم.

ويُسعدني في هذا السياق أننا تمكنّا من تلبية بعض احتياجات القوات المسلحة السعودية، كما ندعم تعزيز التعاون بين الجهات الفاعلة في القطاع الخاص في كلا البلدين. ونُرحب أيضًا بالاستثمارات السعودية في قطاع الصناعات الدفاعية في الهند والذي فتح أبوابه أمام الاستثمارات الخاصة.

تمّ الإعلان عن مبادرة الممرّ الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا في شهر أيلول/سبتمبر عام 2023 في نيودلهي. وتُعدّ مشروعًا طموحًا يهدف إلى ربط الهند بأوروبا مرورًا بالشرق الأوسط. ما هي العناصر الرئيسية لهذا الممرّ؟ وكيف تعمل الهند مع السعودية من أجل تحقيق الأهداف المُحدّدة في إطار هذه المبادرة؟

أطلقت الهند مبادرة الممرّ الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا في نيودلهي في شهر أيلول/سبتمبر عام 2023 إلى جانب كلّ من السعودية والاتحاد الأوروبي والإمارات العربية المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية.

سيُرسم من خلال هذا الممرّ مستقبل الترابط بجميع أشكاله لقرون قادمة، كما أنه سيُصبح المُحفّز الرئيسي للتجارة والترابط والنمو في المنطقة بأكملها. وسيُعزّز الممرّ الترابط المادي والرقمي بجميع أشكاله. سيُسهّل أيضًا تطوير سلاسل توريد قادرة على الصمود وموثوقة، كما سيزيد من إمكانية الوصول إلى التجارة ويُحسّن مستوى تيسير التجارة. بالإضافة إلى ذلك، سيُساهم الممرّ في تعزيز الكفاءة وخفض التكاليف وتعزيز الوحدة الاقتصادية وتوليد فرص العمل وتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة، مما سيُؤدّي إلى تكامل تحويلي بين كلّ من آسيا وأوروبا والشرق الأوسط.

يجب على كلّ من الهند والسعودية أن تؤدّيا دورًا رئيسيًا يُساهم في نجاح هذا الممرّ. إننا لملتزمون بالعمل مع شركائنا السعوديين لتحقيق رؤية الترابط، بما في ذلك الترابط اللوجستي مُتعدد الوسائط وترابط البيانات وترابط الشبكات الكهربائيّة. ونعمل في إطار هذه المبادرة على مسائل مُرتبطة بالهيدروجين النظيف والأخضر كما بسلاسل التوريد ذات الصّلة.

أعتقد أنه يمكن لهذه المبادرة أن تحوّل البشرية، إذ يمكن أن تكون بمثابة طريق الحرير الجديد للقرن الحادي والعشرين، الأمر الذي ستستفيد منه الأجيال القادمة.

تضمّ الجالية الهندية في السعودية مليونين وسبع مئة ألف نسمة. وقد أشدتم بها ورأيتم فيها قوّةً تُساهم في تعزيز العلاقات الثنائيّة بين البلدين. كيف تنوي حكومتكم تأمين المزيد من الدعم للجالية الهنديّة في المملكة والتواصل معها بشكل إضافي؟

اسمحوا لي بدايةً أن أعبّر عن امتناننا العميق لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على رعايتهما للجالية الهندية في السعودية. ولا يُمكننا أن ننسى أبدًا اهتمامهما بأعضاء الجالية الهندية خلال الأوقات العصيبة التي شهدناها بسبب جائحة كوفيد ومعاملتهما لهم كأبناء وطنهما.

يتمتع الهنود بميزة مهمّة جدًا، إذ يجعلون من أي بلد يذهبون إليه وطنًا لهم، كما يلتزمون بالقوانين ويعملون بكلّ تفانٍ ومهنيّةٍ. وتراهم أيضًا يتمسّكون بقيم التعاطف والرحمة والاهتمام.

تساعدهم طبيعتهم هذه بالذات على كسب احترام البلد الذي يستضيفهم، بما في ذلك السعودية. فقد أشاد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بالجالية الهندية كلّ المرّات التي التقيت به فيها، كما أثنى على مساهمتها الملحوظة في النمو الاقتصادي للمملكة وذهب إلى حدّ القول إنهم جزء من الأسرة السعودية. ودائمًا ما تُشعرني كلمات الثناء هذه بالفخر وتُفرح قلبي.

وتعتبر حكومتي أن أبناء الجالية الهندية في الخارج جميعهم سفراء أو "راشترادوتس".

 إن تواصلنا مع جالياتنا في الخارج قائم على مبادئ الرعاية والتواصل والاحتفال والمساهمة، حيث نعتبر أن سلامتهم ورفاهيّتهم في غاية الأهمية. وقد أطلقنا العديد من المبادرات خلال العقد الماضي، بما في ذلك برامج تأمين ومنح دراسية لأبنائهم وبرامج لتطوير المهارات، كما وضعنا آليّات للهجرة الآمنة والقانونيّة.

تُعتبر الجالية الهندية النابضة بالحياة في السعودية، والبالغ عددها مليونين وسبع مئة ألف نسمة، جسرًا حيًا يربط بين بلدينا. وأُشيد بهم لمحافظتهم على قيمهم وتقاليدهم، ولتعزيزهم لها أيضًا.

أتطلع للتواصل مجددًا مع الجالية الهندية خلال زيارتي هذه.

ما رأيكم بتطور السياحة الدينيّة والتبادل الثقافي والتعاون في مجال التعليم باعتبارها عناصر تساهم في العلاقات الثنائيّة بين السعوديّة والهند؟ هل تعتقدون أنّه من الممكن افتتاح مؤسّسات تعليميّة تابعة للمعاهد الهنديّة للتكنولوجيا والمعاهد الهنديّة للإدارة في المملكة على غرار المعهد الهندي للتكنولوجيا دلهي في أبوظبي؟

لقد تفاعل شعبا الهند والسعودية مع بعضهما البعض منذ أيام "كليلة ودمنة".

يدلّ التواصل الثقافي المتنامي بين الهند والسعودية على تفاهم الشعبين وتقبّلهما لبعضهما البعض.

وإذا أردنا أن نتناول موضوع السياحة الدينيّة، لدينا عدد كبير من المسلمين في الهند ويزورون السعودية الجميلة كلّ عام لأداء مناسك الحجّ والعمرة. أودّ في هذا السياق أن أعرب عن امتناني للقادة السعوديين على دعمهم الدائم للحجاج من الجنسيّة الهنديّة.

ولقد لاحظنا أنّ اليوغا ازدادت شعبيّتها في المملكة خلال السنوات الأخيرة، وذلك بفضل الدعم المُقدّم من الحكومة السعودية وتشجيعها على ممارستها. وعلى غرار اليوغا، لاحظنا أيضًا اهتمامًا متزايدًا برياضة الكريكيت.

كما علمت بوجود مذيعين عرب ينقلون محتوى ذات طابع هندي على قنوات مخصّصة ومشهورة في المملكة.

بالإضافة إلى ذلك، يشاهد السعوديون الأفلام الهنديّة ويتابعون الممثلين الهنود.

وفي الواقع، ستستضيف الهند القمة العالمية للوسائط السمعية والبصرية والترفيهية في مومباي بين الأوّل والرابع من أيار/مايو عام 2025. نحن نتطلّع إلى مشاركة ملحوظة للمملكة في القمة لنتمكّن من توسيع آفاق تعاوننا في المجال الثقافي والترفيهي.

أمّا مجال التعاون في قطاع التعليم فهو واعدٌ بحدّ ذاته، حيث أن مؤسسات التعليم العالي الهنديّة مُعترف بها عالميًّا وتنتظر فرصتها لتدخل أراضي السعوديّة.

وأخيرًا، أودّ أن أهنّئ صحيفة "عرب نيوز" بمرور 50 عامًا على تأسيسها وأنا على علم بارتباطها المميّز بالجالية الهندية المقيم في المملكة، كما أرى في هذا المنفذ الإعلامي رمزًا يعبّر عن ثبات العلاقات بين الشعبين. أتمنّى لكم النجاح والتوفيق في مسيرتكم نحو تعزيز أواصر الصداقة بين الهند والسعودية.

"الاقتصادية"

أقرأ أيضاَ

جامعة هارفرد تقاضي ترامب بسبب خفضه تمويلها: تصرفات تعسفية

أقرأ أيضاَ

خطة أممية غير مسبوقة بـ1.3 مليار دولار لإعادة إعمار سوريا