التداعيات الإقتصادية بعد الحرب بين إيران وإسرائيل -- Jul 08 , 2025 12
في 24 حزيران 2025، دخل وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل حيّز التنفيذ، بعد 12 يوماً من القتال العنيف. ما هي التداعيات الإقتصادية، المالية والنقدية على البلدَين وعلى المنطقة والعالم؟
بعد حرب سريعة ودقيقة وتكنولوجية بين بلدَين كبيرَين في المنطقة، والتدخّل والرعاية من قبل كل من الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، روسيا، الصين وغيرها، توصّل كل الأقطاب إلى وقف إطلاق النار، وحفظ ماء الوجه، لجميع الأطراف وجمهورهم.
لن نتوقف عند مَن هو الغالب ومَن هو المغلوب، وما هي التداعيات السياسية والأمنية؟ لكن سنركّز في هذا المقال على النتائج الإقتصادية المباشرة وغير المباشرة، على إيران، إسرائيل، البلدان المجاورة، المنطقة والعالم.
لا شك في أنّ إيران دفعت ثمناً باهظاً وتلقّت ضربات موجعة على منشآتها ومعاملها للنفط والغاز والتكرير، وعلى بنيتها التحتية للأنابيب والتوزيع، ممّا سيؤثر على ناتجها المحلي ومداخيلها الأساسية من الغاز والنفط وسائر مشتقاتهما، التي تُشكّل دخلها الأساسي.
بالإضافة إلى ذلك، تلقّت إيران ضربات قاصمة في البُنى التحتية، ومحطات الكهرباء التوزيع، إذ ستحتاج وقتاً طويلاً وأموالاً طائلة لإعادة البناء. أمّا بالنسبة إلى مشاريعها ومعاملها النووية العسكرية والمدنية، فقد دُمّرت أيضاً، ومن المستحيل إعادة هيكلتها قبل سنوات وعقود طويلة.
من جهة أخرى، تكبّدت إسرائيل خسائر إقتصادية ضخمة، إذ ضُرب موسمها السياحي، الذي يُشكّل العمود الفقري لإقتصادها ومداخيلها، وأيضاً شُلَّ قطاعها الخاص في كل المجالات التجارية، الصناعية والتكنولوجية، وتدهور سوقها المالي، لكن وعدت الحكومة الإسرائيلية بضخ مليارَي دولار كتعويض للشركات المتضرّرة، وإعادة الدورة الإقتصادية بسرعة فائقة. لا شك في أنّ الإمكانات والدعم المالي والنقدي سيكون متوافراً بسهولة مع بلدان داعمة ومتموّلة.
أمّا بالنسبة إلى الأسواق المالية الدولية، فقد تراجعت بنسب كبيرة، وارتفعت أسعار النفط والغاز، وشهدنا تقلّبات في أسعار الذهب. أمّا بعد وقف إطلاق النار فعادت دورة الإنماء، وشهدت الأسواق المالية نشاطاً بنسبة 5% دولياً وحتى 7% في الأسواق الآسيوية. أمّا أسعار الذهب فانخفضت من جديد.
الضغوط لا تزال موجودة في هذا الجو الضبابي، ولا سيما بعد تراجع حركة المرور في مضيق هرمز، الذي يمرّ عبره أكثر من 20% من الغاز والنفط الدولي.
أمّا بالنسبة إلى البلدان المجاورة، مثل لبنان، الأردن، مصر وغيرها، فلا شك في أنّ هناك خسائر كبيرة مباشرة وغير مباشرة، وشلّاً للإستثمارات، تدهور الثقة، مخاوف إعادة الصراع، واللجوء إلى إقتصاد الحرب الذي يؤدّي إلى تضخّم هائل. فنشاهد في هذه البلدان والمنطقة ما يُسمّى بالـ Stagflation وهي جمود وشلل إقتصادي، بالتوازي مع التضخُّم وزيادة الأسعار.
الآن، المنطقة مركّزة على مشروع إعادة إعمار سوريا، وهناك تنافس كبير لِمَن سيكون الممرّ الرئيسي لهذا التمويل والإستثمارات المنتظرة، وفي الوقت عينه، هناك مخاوف من عدم الإستقرار والرجوع إلى لغة الحرب.
في المحصّلة، لا شك في أنّ التداعيات الإقتصادية جرّاء هذه الحرب الإقليمية كانت باهظة، والمخاوف كبيرة. لكن في الوقت عينه، نستطيع أن نتفاءل ونحلم بالسلام والإستقرار في لبنان والمنطقة، برعاية الأمم المتحدة، لأنّنا لن نتحمّل المزيد من الخسائر والتراجع والتدهور. فلبنان على مفترق طرق، إمّا بناء دولة حقيقية مستقلة، وإمّا أن يعيش من هيمنة إلى أخرى.
د. فؤاد زمكحل - الجمهورية