الرئيس التنفيذي لشركة "ليا أسوريكس" لبيب نصر: لا مفرّ من التحول الى الرقمية -- Aug 27 , 2025 228
يقرّ لبيب نصر الرئيس التنفيذي لشركة ليا اسوريكس بوجود تحديات جمّة أمام شركات التأمين في لبنان، وهي تعاني من مشاكل تسعى أقصى جهدها لحلها، لعل أبرزها الفاتورة الاستشفائية العالية التي ترتّب عليها أعباءً إضافية، وهي تضطر لرفع أسعار بوالص التأمين، ممّا يُثقل كاهل المؤمّن بالنتيجة ويدفعه للبحث عن وسائل أقل كلفة عليه. أيضا تواجه شركات التأمين اللبنانية مشكلة خروج معيدي التأمين العالميين من السوق بسبب الوضع غير المستقر في لبنان.
1. كيف تلخصون التحديات التي يواجهها قطاع التأمين حالياً خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان؟
أمام قطاع التأمين تحديات مزمنة لا زالت موجودة حتى اليوم في مختلف المواضيع، أوّلها موضوع أموالنا المحجوزة في المصارف اللبنانية، ثم موضوع القوانين وهيكليتها الخاصة بالتأمين، أيضاً موضوع الضمان الصحي الإجتماعي وتعاقده مع المستشفيات حالياً، بالإضافة إلى زيادة أسعار المستشفيات التي تؤثر على أسعار عقود التأمين الصحي وبالتالي على المؤمّن الذي لم يعد يتحمل أي زيادة. إن كل ما ذكرأعلاه، هوعبارة عن مشاكل مزمنة موجودة في قطاع التأمين ونحن نحاول قدر الإمكان مواجهتها.
2. كيف؟
إننا نعالج كل موضوع على حدّه. ففي الموضوع الصحي، نتابع مع مُعيدي التأمين كيفية تحسين الوضع وندرس كيفية زيادة الأسعار بشكل يحدّ الخسارة قدر المستطاع في التأمين الصحي مع مراعاة الزبائن للحفاظ على استمرارية تغطيتهم التأمينية.
3. ماذا عن موضوع القوانين وعلاقتكم بوزير الإقتصاد؟
إننا على علاقة جيدة مع الوزير، ومع رئيس هيئة الرقابة على شركات التأمين السيد نديم حداد، الذي تمّ تثبيته في مركزه مؤخراً. إن قطاع التأمين مرتاح جداً لهذه العلاقة، وهذا يساعد حتماً في تطور القطاع، لكي يتقدم ويكون في أفضل حال، ونحن نتمنى أن يتمّ ذلك في أقرب وقت عبر مجلس النواب. إننا نعيش خلال هذا العام إشكالية جديدة، إذ أن قطاع التأمين اللبناني لا يسجل أي نمو، وهو خلال سنوات الحرب الماضية، وحتى خلال إنفجار مرفأ بيروت، سجّل بعض النمو نتيجة الطلب على بعض أنواع التأمين. أما اليوم، وفي ظلّ الإنكماش الاقتصادي، فقد تراجع الإستيراد، وتوقفت مشاريع الإعمار بالإضافة إلى أن قروض المصارف متوقفة، وحركة التوظيف في الشركات ضعيفة جداً. إن كل هذا يؤثرعلى عمل قطاع التأمين، حيث تراجع كثيراً وجعله لا يحقق أي نمو خلال سنة ٢٠٢٥، بالإضافة إلى أن عدد شركات التأمين في السوق اللبناني كبير جداً ممّا يخلق أحياناً منافسة غير صحية للقطاع.
4. ماذا تطلبون من وزير الإقتصاد الحالي؟
إننا أولا نشكره على تأكيده بأنه يوجد هيكلية وأشخاص مختصين في هيئة الإشراف على رقابة شركات التأمين.
لقد أطلق الوزير المجلس الوطني للضمان بعد توقفه لسنوات طويلة، وحسب علمي، لقد بدأ المجلس أعماله، وعقد اجتماعاته، وهذا أمر صحي جداً، ممّا يدل على أن الوزير يعمل ضمن التوجه الصحيح لقطاع التأمين. إننا نطالب حالياً بإعادة النظر بالقانون الحالي الذي صدر في العام 1968، على أن تتم مقارنته بالقوانين المتطورة الموجودة في الدول العربية أو الأوروبية أو كندا، وأن يتم إرسال مشروع قانون إلى لجنة الإقتصاد، ثم الهيئة العامة. وظيفة هذا القانون الجديد، تقوية القطاع وتحسين وضع مقدّم التأمين والمؤمّن، وتوفير بيئة أكثر ثقة وطمأنينة لمعيدي التأمين . فالعديد من المبادئ التنظيمية الأساسية غير واردة في القانون اللبناني الحالي، لأنه عند صدوره لم تكن هذه المفاهيم مطروحة أو مطبّقة بعد. إن الأمر ليس صعباً وقد سبق وتمّ القيام به لكنه لم يصل إلى خواتيمه المرجوة. لذا نرجو أن يأخذ الوزير هذه المبادرة وأن يصدر القانون الجديد قبل نهاية ولاية الحكومة في مطلع الصيف المقبل.
5. ما رأيكم باللجنة المشتركة التي ألّفها وزير المالية مع شركات التأمين لمعالجة الأوضاع الصعبة؟
أعتقد أن هذه اللجنة على تواصل مع مستشاري الوزير وهي تعمل بوجهة صحيحة.
6. هل سيخفف هذا الضغط المادي عنكم؟
أجل. إننا نطالب بأن تكون الضرائب ضمن توقيتها الصحيح وحسب قيمتها الفعلية. نحن نخضع حالياً لضرائب مرتفعة جداً وملتزمون بها، لكن الأمر يحتاج لإعادة نظر، سواء من حيث جدولتها أو مراجعة معدلاتها وقيمتها. أنا أعتقد أن الحوار يسير في الاتجاه الصحيح، بما قد يؤدي إلى حلّ متوازن يُرضي الحكومة ووزارة المال، ويكون منصفاً أيضاً للشركات.
7. تعاني شركات التأمين حالياً من ارتفاع الكلفة الاستشفائية لذا كيف تقيمون دوركم وكيف تعملون للتخفيف من هذه الكلفة وهل يوجد رقابة على الموضوع الاستشفائي؟
عادة تستخدم شركات التأمين شركات TPA لأعمال الرقابة في هذا الموضوع. نحن نعمل مع شركة نكست كير Nextcare وتجمعنا بها علاقة مميزة، إذ طلبنا أن تكون المحاورة بإسمنا وأن تمثلنا تجاه المستشفيات اللبنانية. إننا في النهاية نتفهم المستشفيات، فهي بحاجة لمدخول، لا سيما أن الضمان الصحي وتعاونية موظفي الدولة وغيرها من مؤسسات رسمية لا تستطيع أن تدفع لها ما يتوجب عليها أن تدفعه. لكن على التسعيرة أن تكون عادلة وأن تكون عادلة في التطبيق. إننا كشركات تأمين نبغي الربح والزيادة في التسعيرة ترتد تالياً على الزبائن، ولهذا يوجد حوار دائم مع المستشفيات يمرّ أحياناً بمراحل صعبة لكن الغاية من كل هذه الحوارات هوالحفاظ على تسعيرة مقبولة.
8. يقال أن شركات التأمين تعاني من خسائر كبيرة في قطاع الاستشفاء وأيضاً بداية معاناة في قطاع التأمين على السيارات لذا كيف تستطيعون الإستمرار وبأية طريقة؟
هذه الإشكالية تعاني منها كل شركات التأمين. قبل الأزمة، كنا نركّز في قسم من عملنا على التأمين على الحياة، وكنا نحقّق معدل ربح يسمح لنا بتغطية أنواع أخرى من التأمين. حالياً، قطاع التأمين على الحياة تراجع كثيراً، أي من ٥٠٠ مليون دولار في السوق الى ١٠٠ مليون دولار، بينما اتسع التأمين الصحي والسيارات بحيث أصبح يشكل أكثر من ٦٠% من عمل شركات التأمين.
لقد حقق سوق التأمين في لبنان خسائر كبيرة في التأمين الصحي خلال العام ٢٠٢٤، وهذا حسب أرقام هيئة الرقابة، لقد كان هامش الربح في قطاع السيارات صغير جداً يكاد لا يذكر. إننا من ناحية نسعى إلى الحفاظ على توازن الأسعار لضمان استمرارية تقديم خدمات ذات جودة ومن جهة أخرى، نُراعي الأوضاع الاقتصادية للمؤمّنين والمنافسة القوية في السوق.
9. لكنكم رفعتم اسعاركم؟
10. نعم، اضطررنا إلى تعديل الأسعار، وليس من باب الترف أو الربح الزائد، فمعدّل الخسائر في سوق التأمين بلغ حوالي 140% خلال العام الماضي. يُضاف إلى ذلك الارتفاع الكبير في أسعار الخدمات الاستشفائية، حيث قامت العديد من المستشفيات برفع أسعارها بشكل ملحوظ، ما انعكس مباشرة على تكلفة تغطية التأمين الصحي.في ظل هذا الواقع، أصبح تعديل الأسعار ضرورة لضمان استمرارية الخدمة وجودتها، وليس خياراً.
11. كيف تعوضون خسائركم؟
نعمل على تنويع محفظتنا التأمينية بشكل مدروس، كما نقوم بإعادة تقييم السياسات والأسعار بطريقة تراعي الواقع الاقتصادي للمؤمّنين وتساعد على تحقيق التوازن المالي.
الهدف ليس التعويض الفوري، بل بناء استدامة تضمن الاستمرارية وجودة الخدمة على المدى الطويل.
12. لكن ألم يؤدي ارتفاع سعر البوالص إلى تراجع عدد المؤمّنين؟
لم نشهد تراجعاً كبيراً في عدد المؤمّنين، لأن التأمين الصحي لا يزال يشكّل أولوية بالنسبة إلى الكثيرين، رغم التحديات الاقتصادية. لكن من الطبيعي أن يقوم بعض المؤمّنين بتعديل درجة التغطية بما يتناسب مع إمكانياتهم ، أي يستبدل الأولى بالدرجة الثانية أوالثالثة، أو يذهب إلى صناديق التعاضد أو إلى شركات أخرى بسعر أقل، وكل ذلك لتخفيف الأقساط.
13. كنتم تشكون سابقاً بأن شركات إعادة التأمين تخرج من السوق اللبناني فماذا تقولون اليوم بهذا الصدد؟
لقد حدث هذا الأمر في أواخر العام الماضي، حيث كنا بحالة حرب مع إسرائيل. إن شركات الإعادة تنظر إلى الخطر في السوق وتدرس هامش ربحها. وبالفعل عدد كبير من الشركات المعترف بها عالمياً، وهي تعمل برأسمال مرتفع جداً، خرجت من السوق اللبناني. لقد كنا في حوار معها طوال ذلك الوقت، وباستطاعتنا القول أننا تقدمنا خطوة للأمام معها، إذ أنها عادت فانفتحت قليلاً على لبنان، لكن الحقيقة ستظهر في نهاية العام الحالي، لأننا نجدد عقود اتفاقياتنا معها في ذلك الحين. في الربع الأخير من هذا العام سنبدأ التباحث مع معيدي التأمين الذين خرجوا من سوقنا، والذين لا يزالون مستمرين معنا لتجديد العقود. أن هذه الشركات إذا وجدت لبنان في توجه جيد على صعيد الحكومة والقرار ستعود حتماً، فهي لها تاريخ طويل في السوق اللبناني وتربطها علاقات متينة ونظيفة ونزيهة مع شركات التأمين، وقد حققت أرباحاً جيدة كل هذه الأعوام. لذا لو وجدت الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي مشجعاً ستعود حتماً. إن الجواب اليقين على ذلك سيكون في شهر أكتوبر أو نوفمبر حيث ستتضح مواقفها المستقبلية بشكل أدق .
14. كيف اخترتم شعار الشركة الأخير ولماذا؟
تتولى دائرة التسويق والعلاقات في الشركة بهذه الأمور، وهي التي وضعت شعار "خلّينا نحكي عن بكرا"، الذي يعكس رؤيتنا المستقبلية والتزامنا بمرافقة المؤمّنين في كل مرحلة من حياتهم. وفي الشهر الماضي، أعلنّا عن الشخصية التمثيلية الجديدة "ليو".
ليو الودود، ذوالفرو الأزرق، يُمثّل روح الشركة، حيويتها ومساندتها الدائمة للمؤمّن. في أكبر حملة لنا حتى اليوم، عرضت ليا أسوريكس ابتكارها الجديد "ليو" على شاشات التلفاز واللوحات الإعلانية في جميع أنحاء لبنان، حيث تم تقديمه في مواقف حياتية مؤثرة تعكس قيم الشركة الأساسية: التركيز على المؤمّنين والتواجد الدائم إلى جانبهم مهما كانت الظروف.
15. هل تم استخدام الذكاء الاصطناعي أيضاً؟
تعمل الشركة على تطوير حلول مبتكرة تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، نظرًا لأهمية التقدّم التكنولوجي أصبح ضرورة ملحّة أكثر من أي وقت مضى. ويأتي ذلك ضمن أولوياتنا الاستراتيجية التي تتركّز على تحسين تجربة الزبائن وتقديم خدمات أسرع وأكثر دقة. ونأمل أن يشهد القطاع مزيدًا من الانخراط والمشاركة في التقدّم التكنولوجي.
16. ما هي مشاريع شركتكم للمستقبل؟
نحن على قناعة تامة بأن مستقبل قطاع التأمين مرتبط بشكل وثيق بالتكنولوجيا والتحوّل الرقمي، ولا مفرّ من مواكبة هذا المسار. حالياً نخصص فريقاً متخصصاً لدراسة وتطوير حلول قائمة على الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية، بهدف اعتماد أفضل آليات العمل داخل الشركة وتعزيز تواصلنا مع المؤمّنين ووسطاء التأمين.
نعمل على تطوير منصات رقمية وبرامج مبتكرة تواكب تطلعات السوق، ونستثمر في ذلك من خلال استراتيجية واضحة وميزانيات مخصّصة لضمان تطوّرنا المستدام.
تتميّز ليا أسوريكس بعلاقاتها الوثيقة مع شركائها، إضافة إلى قاعدة مالية صلبة. ونحن نواصل البناء على هذه الأسس للانطلاق نحو مستقبل أكثر ابتكاراً وفعالية.