هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء والمعلمين؟ بيل غيتس يجيب

هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء والمعلمين؟ بيل غيتس يجيب -- Apr 21 , 2025 22

توقّع الشريك المؤسس لشركة مايكروسوفت، بيل غيتس، أنّ يحل الذكاء الاصطناعي مكان الأطباء والمعلمين وغيرهم من المهنيين بحلول عام 2035، مشيراً إلى أنّ "النصائح الطبية عالية الجودة والدروس الخصوصية المتقدّمة" ستصبح مجانية ومتاحة على نطاق واسع مع تطوّر قدرات الذكاء الاصطناعي في التعامل مع المهارات البشرية المتخصّصة.

وفي سلسلة من المقابلات لإعلامية خلال مطلع عام 2025، رسم غيتس ملامح عالم يدخل ما وصفه بعصر "الذكاء المجاني" –وهو زمن تصبح فيه المعرفة والخدمات المتقدمة في متناول الجميع، وبأقل كلفة ممكنة، بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي.

 

نهاية ندرة الخبرات المتخصصة
 

وأكد غيتس أن المهن التي لطالما اعتُبرت في منأى عن الأتمتة –مثل الطب والتعليم– ستكون من أوائل القطاعات التي ستشهد تحولاً جذرياً، وقد تستبدل بشكل جزئي أو كامل بالذكاء الاصطناعي. وتوقع أنه خلال أقل من عقد، ستوفر هذه التقنيات "نصائح طبية عالية الجودة" و"دروساً تعليمية متقدمة" مجاناً، مما سيجعل الخبرات التي تُعد اليوم نادرة ومكلفة، متاحة للجميع.

 

 

 

ويرى غيتس أن هذا التحول سيُسهم في معالجة النقص المزمن في الكوادر المؤهلة في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم، لاسيما في بلدان مثل الهند ودول القارة الإفريقية، حيث لا يزال الحصول على الخدمات المتخصصة يشكل تحدياً رئيسياً.

 

تحوّل شامل في سوق العمل والمجتمع
 

لكن رؤية غيتس لا تقتصر على مهنتَي الطب والتعليم، بل تمتد لتشمل قطاعات أوسع مثل المصانع، والإنشاءات، والضيافة، بل وحتى بعض الوظائف اليدوية والعمالية، وذلك مع تطوّر تقنيات الروبوتات. ومع ازدياد قدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي، يتوقّع غيتس أن تتولّى هذه الأنظمة مهام في مجالات مثل الخدمات اللوجستية، والتصنيع، والنقل، والزراعة –وهي قطاعات توفّر وظائف لملايين الأشخاص حول العالم.

ولا تقتصر توقّعات غيتس على الجانب التكنولوجي فقط، بل تشمل أيضاً بُعداً اجتماعياً عميقاً. فهو يرى أنّ المجتمعات ستحتاج إلى إعادة التفكير في مفهوم العمل نفسه، مع تزايد اعتماد البشر على الذكاء الاصطناعي في إنجاز المهام الروتينية والمعقّدة على حد سواء. ويتوقّع أن يُفضي هذا التحوّل إلى مستقبل يتّسم بأسابيع عمل أقصر، وتقاعد مبكر، ووقت فراغ أكبر.

بل إن غيتس ألمح إلى احتمال نشوء "عالم ما بعد العمل"، حيث لم تعد الوظائف تمثّل المحور الأساسي لتنظيم الحياة.

وقال غيتس: "الوظائف هي نتيجة لنُدرة الموارد... من الصعب على الإنسان أن يُعيد برمجة عقله ليتخيّل مستقبلاً يخلو من ذلك"، في إشارة إلى الحاجة لإعادة تعريف مفاهيم المعنى والإنتاجية في عالمٍ لم تَعُد فيه الندرة تُحدّد شكل الحياة.

 

مرحلة انتقالية مثيرة ومقلقة في آنٍ معاً
 

يعترف غيتس بأنّ هذا التحوّل المرتقب يحمل في طيّاته مزيجاً من الإثارة والقلق. فمن جهة، قد يؤدّي الذكاء الاصطناعي إلى ما يُسمّيه "وفرة انكماشية" –وهي حالة تنخفض فيها أسعار السلع والخدمات نتيجة الوفرة. لكن من جهة أخرى، يُحذّر من مخاطر اضطراب الاقتصاد، وتفاقم البطالة، واتّساع فجوة عدم المساواة، في حال لم تُوزَّع مكاسب الذكاء الاصطناعي بشكل عادل. وللتعامل مع هذه التحدّيات، دعا غيتس إلى تبنّي سياسات مثل الدخل الأساسي الشامل، وتخفيض ساعات العمل، ووضع أطر جديدة لإعادة توزيع الثروة.

 

ما الوظائف التي ستصمد – وما الذي سيتغيّر؟
 

ورغم توقّعاته الجريئة، لا يرى غيتس أنّ الذكاء الاصطناعي سيقضي على كل الأنشطة البشرية. فهو يشير إلى أنّ الوظائف التي تتطلّب الإبداع، والذكاء العاطفي، وحلّ المشكلات المعقّدة، والروابط الإنسانية الحقيقية –مثل المعالجين النفسيين، والفنانين، ومقدّمي الرعاية– ستبقى صامدة، على الأقل في المستقبل المنظور. كما يرى أنّ مجالات مثل البرمجة، والطاقة، والبيولوجيا ستظلّ بحاجة إلى العنصر البشري، ولو أنّ الذكاء الاصطناعي سيُعيد تشكيلها أيضاً.

وحذّر غيتس من المخاطر المرافقة للتبني السريع للذكاء الاصطناعي، مثل انتشار المعلومات المضلّلة، والانحياز الخوارزمي، واحتكار النفوذ من قِبل شركات تقنية عملاقة. ولهذا، شجّع الشباب والمبتكرين على توجيه مسار تطوير الذكاء الاصطناعي نحو وجهات تتمحور حول الإنسان، مؤكّداً على أهمية المصادر المفتوحة والتعاون العالمي كوسائل لنشر فوائد هذه التكنولوجيا على نطاق واسع.

 

الطريق إلى المستقبل
 

رؤية بيل غيتس هي في آنٍ واحد دعوة إلى التحرّك وتحذير مبكّر. فـ"عصر الذكاء المجاني" يحمل وعوداً كبيرة بإتاحة المعرفة والخدمات للجميع، وانتشال الملايين من دوائر الندرة، وتغيير جذري في أنماط حياتنا وعملنا. ومع ذلك، فهو يفرض على المجتمعات مسؤولية إعادة النظر في مفاهيم العمل، والمعنى، والأمن الاقتصادي في عالم لم يَعُد فيه العمل البشري ضرورياً "في معظم الأمور".

وكما أقرّ غيتس بنفسه: "إنه أمر بالغ الأهمية... ومخيف بعض الشيء –بالنظر إلى سرعته الهائلة وغياب الحدود الواضحة".

الطريقة التي ستُدير بها البشرية هذا الانتقال –عبر الموازنة بين الابتكار والاحتواء، والتقدّم والغاية– هي التي ستُحدّد إرث ثورة الذكاء الاصطناعي.

 

أقرأ أيضاَ

"OpenAI" تطلق نماذج جديدة لمعالجة المهام البرمجية والبصرية

أقرأ أيضاَ

شركة OpenAI تستعد لإطلاق نماذج جديدة